الشرح و التفسير : شاهد الفيديو -
الكتاب المقدس - العهد القديم
1 إنما أنا إنسان يموت، مشاكل لسائر الناس، من جنس أول من جبل من الأرض، وقد صورت جسدا في جوف أمي،
2 وفي مدة عشرة أشهر صنعت من الدم بزرع الرجل، واللذة التي تصاحب النوم.
3 ولما ولدت انتشيت هذا الهواء الشائع، وسقطت على هذه الأرض المشتركة، وأول ما استهللت بالبكاء على حد الجميع،
4 وربيت في القمط وباهتمام كثير.
5 فإنه ليس لملك بدء مولد غير هذا؛
6 بل دخول الجميع إلى الحياة واحد، وخروجهم سواء.
7 حينئذ تمنيت؛ فأوتيت الفطنة، ودعوت فحل علي روح الحكمة.
8 ففضلتها على الصوالجة والعروش، ولم أحسب الغنى شيئا بالقياس إليها،
9 ولم أعدل بها الحجر الكريم، لأن جميع الذهب بإزائها قليل من الرمل، والفضة عندها تحسب طينا.
10 وأحببتها فوق العافية والجمال، واتخذتها لي نورا، لأن ضوءها لا يغرب،
11 فأوتيت معها كل صنف من الخير، ونلت من يديها غنى لا يحصى.
12 فتمتعت بهذه كلها، لأن الحكمة قائدة لها، ولم أعلم أنها أم جميعها.
13 تعلمتها بغير مكر، وأشرك فيها بغير حسد، وغناها لا أستره.
14 فإنها كنز للناس لا ينقص، والذين استفادوا منه أشركوا في محبة الله، لأن مواهب التأديب قربتهم إليه.
15 وقد وهبني الله أن أبدي عما في نفسي، وأن أجري في خاطري ما يليق بمواهبه؛ فإنه هو المرشد إلى الحكمة ومثقف الحكماء.
16 وفي يده نحن، وأقوالنا والفطنة كلها ومعرفة ما يصنع.
17 ووهبني علما يقينا بالأكوان، حتى أعرف نظام العالم وقوات العناصر،
18 ومبدأ الأزمنة ومنتهاها وما بينهما، وتغير الأحوال وتحول الأوقات،
19 ومداور السنين ومراكز النجوم،
20 وطبائع الحيوان وأخلاق الوحوش وعصوف الرياح وخواطر الناس وتباين الأنبتة وقوى العقاقير.
21 فعلمت جميع المكنونات والظواهر، لأن الحكمة مهندسة كل شيء، هي علمتني.
22 فإن فيها الروح الفهم القدوس، المولود الوحيد ذا المزايا الكثيرة، اللطيف السريع الحركة، الفصيح الطاهر النير السليم المحب للخير، الحديد الحر المحسن،
23 المحب للبشر، الثابت الراسخ المطمئن القدير الرقيب، الذي ينفذ جميع الأرواح الفهمة الطاهرة اللطيفة.
24 لأن الحكمة أسرع حركة من كل متحرك؛ فهي لطهارتها تلج وتنفذ في كل شيء.
25 فإنها بخار قوة الله، وصدور مجد القدير الخالص؛ فلذلك لا يشوبها شيء نجس،
26 لأنها ضياء النور الأزلي، ومرآة عمل الله النقية، وصورة جودته.
27 تقدر على كل شيء، وهي واحدة، وتجدد كل شيء وهي ثابتة في ذاتها. وفي كل جيل تحل في النفوس القديسة؛ فتنشئ أحباء لله وأنبياء،
28 لأن الله لا يحب أحدا؛ إلا من يساكن الحكمة.
29 إنها أبهى من الشمس، وأسمى من كل مركز للنجوم، وإذا قيست بالنور تقدمت عليه،
30 لأن النور يعقبه الليل، أما الحكمة فلا يغلبها الشر.