الرد علي شبهة كيف ان يسوع -- و هو ابن الله --  جاء من نسل اربع (٤) زانيات في العهد القديم ؟



الرد علي شبهة  : 

 كيف ان يسوع -- و هو ابن الله --  جاء من نسل اربع (٤) زانيات في العهد القديم ؟

+

ولماذا  ذكر أسماء هؤلاء النسوة في إنجيل متي ؟



(الرد منقول من صفحة : St-Takla.org)

كيف يختار الله في تجسده جدات زانيات فاسدات غلبت عليهم الخسة والنجاسة مثل ثامار وراحاب وراعوث وبثشبع؟ ولماذا لم يرد أسماء هؤلاء النسوة في إنجيل لوقا، هل تعفَّف عن ذكر أسمائهن؟ - كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) | St-Takla.org 


+ + + 



كثيرا ما يوجه لنا البعض هذه اشبهة :


 كيف يختار الله في تجسده جدات زانيات (العهد الجديد - انجيل متي - الاصحاح / الفصل 1: 3، 5، 6) مثل : 


  • ثامار التي زنت مع حماها يهوذا الزاني --  (العهد القديم - سفر التكوين - الاصحاح / الفصل 38


  • و راحاب التي دعاها الكتاب "امرأة زانية"  -- (العهد القديم - سفر يشوع - الاصحاح / الفصل  2) + (العهد القديم  - سفر يشوع - الاصحاح / الفصل  6 ، العهد الجديد - رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين - الاصحاح / الفصل 11: 31 ، العهد القديم - رسالة يعقوب - الاصحاح / الفصل 2: 25


  • و راعوث الموآبية -- (العهد القديم - سفر راعوث - الاصحاح / الفصل 4


  • و بثشبع امرأة أوريا الحثي التي زنت مع داود الملك الزاني -- (العهد القديم - سفر صموئيل الثاني - الاصحاح / الفصل 11: 3، 4)؟ 


ولماذا لم يرد أسماء هؤلاء النسوة في إنجيل لوقا إلاَّ أنه تعفَّف عن ذكر أسمائهن؟

 



الاجابة



أ - ثامار: تعرضت لظلم حماها يهوذا الذي رفض أن يزوجها بابنه الثالث شيلة خوفًا عليه لئلا يموت مثل أخويه السابقين،  مع أن الابن الأول والثاني مات كل منهما بخطيئته، الأول "عير" كان شريرًا، والثاني "أونان" لأنه لم يشأ أن يقيم نسلًا لأخيه الميت "عير" (سفر التكوين 38: 5)، فاحتالت ثامار على يهوذا إذ أتخذت شكل زانية، فسقط معها يهوذا دون أن يعرفها، ولم يكن قصد ثامار الزنا والفسق والبغاء، لأنها لم تفعل هذه الرذيلة إلاَّ مرة واحدة، بهدف إيجاد نسل لها، كما زنتا من قبل ابنتي نوح مع أبيهما، ولم يكن هذا بهدف الزنا واللذة، ولكن بقصد الحصول على نسل، ولهذا لم يكرّرا عملهما. ومن أجل الرغبة الجارفة للحصول على نسل عرضت ثامار حياتها للموت، فعندما سمع حماها أنها حامل طلب أن تخرج لتُحرَق، وعندما اكتشف الحقيقة اعترف بخطئه وقال لها: " أنتِ أبر مني".. وطبَّق الناقد حكم الشريعة على يهوذا وثامار (سفر اللاويين 20: 13) مع أنهما عاشا قبل عصر الشريعة بمئات السنين، ومن المعروف أن الشريعة عندما صدرت لم تُطبَق بأثر رجعي، وأيضًا لا يمكن أن نحكم على أحداث حدثت منذ نحو أربعة آلاف سنة، حيث لم تكن هناك شريعة مكتوبة، بمقاييس اليوم 


(العهد القديم - سفر التكوين - الاصحاح / الفصل 38)




الكتاب المقدس - العهد القديم

- سفر التكوين 

الفصل / الأصحاح الثامن و الثلاثون 



يهوذا وثامار 


1 وحدث في ذلك الزمان أن يهوذا نزل من عند إخوته، ومال إلى رجل عدلامي اسمه حيرة.


2 ونظر يهوذا هناك ابنة رجل كنعاني اسمه شوع، فأخذها ودخل عليها،


3 فحبلت وولدت ابنا ودعا اسمه «عيرا».


4 ثم حبلت أيضا وولدت ابنا ودعت اسمه «أونان».


5 ثم عادت فولدت أيضا ابنا ودعت اسمه «شيلة». وكان في كزيب حين ولدته.


6 وأخذ يهوذا زوجة لعير بكره اسمها ثامار.


7 وكان عير بكر يهوذا شريرا في عيني الرب، فأماته الرب.


8 فقال يهوذا لأونان: «ادخل على امرأة أخيك وتزوج بها، وأقم نسلا لأخيك».


9 فعلم أونان أن النسل لا يكون له، فكان إذ دخل على امرأة أخيه أنه أفسد على الأرض، لكي لا يعطي نسلا لأخيه.


10 فقبح في عيني الرب ما فعله، فأماته أيضا.


11 فقال يهوذا لثامار كنته: «اقعدي أرملة في بيت أبيك حتى يكبر شيلة ابني». لأنه قال: «لعله يموت هو أيضا كأخويه». فمضت ثامار وقعدت في بيت أبيها.


12 ولما طال الزمان ماتت ابنة شوع امرأة يهوذا. ثم تعزى يهوذا فصعد إلى جزاز غنمه إلى تمنة، هو وحيرة صاحبه العدلامي.


13 فأخبرت ثامار وقيل لها: «هوذا حموك صاعد إلى تمنة ليجز غنمه».


14 فخلعت عنها ثياب ترملها، وتغطت ببرقع وتلففت، وجلست في مدخل عينايم التي على طريق تمنة، لأنها رأت أن شيلة قد كبر وهي لم تعط له زوجة.


15 فنظرها يهوذا وحسبها زانية، لأنها كانت قد غطت وجهها.


16 فمال إليها على الطريق وقال: «هاتي أدخل عليك». لأنه لم يعلم أنها كنته. فقالت: «ماذا تعطيني لكي تدخل علي؟»


17 فقال: «إني أرسل جدي معزى من الغنم». فقالت: «هل تعطيني رهنا حتى ترسله؟».


18 فقال: «ما الرهن الذي أعطيك؟» فقالت: «خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك». فأعطاها ودخل عليها، فحبلت منه.


19 ثم قامت ومضت وخلعت عنها برقعها ولبست ثياب ترملها.


20 فأرسل يهوذا جدي المعزى بيد صاحبه العدلامي ليأخذ الرهن من يد المرأة، فلم يجدها.


21 فسأل أهل مكانها قائلا: «أين الزانية التي كانت في عينايم على الطريق؟» فقالوا: «لم تكن ههنا زانية».


22 فرجع إلى يهوذا وقال: «لم أجدها. وأهل المكان أيضا قالوا: لم تكن ههنا زانية».


23 فقال يهوذا: «لتأخذ لنفسها، لئلا نصير إهانة. إني قد أرسلت هذا الجدي وأنت لم تجدها».


24 ولما كان نحو ثلاثة أشهر، أخبر يهوذا وقيل له: «قد زنت ثامار كنتك، وها هي حبلى أيضا من الزنا». فقال يهوذا: «أخرجوها فتحرق».


25 أما هي فلما أخرجت أرسلت إلى حميها قائلة: «من الرجل الذي هذه له أنا حبلى!» وقالت: «حقق لمن الخاتم والعصابة والعصا هذه».


26 فتحققها يهوذا وقال: «هي أبر مني، لأني لم أعطها لشيلة ابني». فلم يعد يعرفها أيضا.


27 وفي وقت ولادتها إذا في بطنها توأمان.


28 وكان في ولادتها أن أحدهما أخرج يدا فأخذت القابلة وربطت على يده قرمزا، قائلة: «هذا خرج أولا».


29 ولكن حين رد يده، إذا أخوه قد خرج. فقالت: «لماذا اقتحمت؟ عليك اقتحام!». فدعي اسمه «فارص».


30 وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده القرمز. فدعي اسمه «زارح». 



________________________________ 



1- وجود قصة ثامار وغيرها من القصص المؤلمة في كتابنا المقدَّس دليل على أمانة اليهود والمسيحيين في حفاظهم على كل ما جاء في الكتاب كما هو، فلا يوجد من يجرؤ على حذف أو إضافة أصغر قصة في الكتاب.

 

2- لم تكن وصية " لا تزن" (خر 20: 14) قد أُعطيت بعد، ونحن نقول هذا ليس من أجل تبرير ما حدث، ولكن من أجل استكمال عناصر الموضوع، والأمر العجيب أن البغاء كان أمرًا عاديًا يمارس في الديانات الوثنية، حتى أنه ارتبط كثيرًا بالعبادات لدى هذه الشعوب، وكانت هناك الكثيرات ممن يمارسن البغاء العلني، وهؤلاء كن أكثر احترامًا ممن يمارسن الزنى في السر، ومع كل هذا فإن أحدًا لا يقدر أن يخفف من خطية يهوذا، وهوذا عفة يوسف الشقيق الأصغر تدين تصرف يهوذا على مدى الأجيال.

 

3- لم يكن هدف ثامار قط الفسق والبغاء، لأنها لم تمارس هذه الرزيلة إلاَّ مرة واحدة، وليس بهدف الملذة والشهوة، ولكن بهدف إقامة نسل لزوجها الذي مات، ولو كانت هذه المرأة فاسقة لانحدرت إلى قاع الخطية، ولذكر الكتاب هذا بكل صراحة وصدق كما تعودنا منه هذا في مثل هذه الحالات، حتى لو أن الذي ارتكب الخطية هو داود النبي والملك مرنم إسرائيل الحلو، لأنه لا عصمة إلاَّ لله وحده.

 

4- ليس عجيبًا طلب يهوذا الساقط بأن تحرق ثامار التي سمع أنها زنت وهي حُبلى، فغالبًا الخطايا التي نسقط تحت نيرها محاولين إخفائها، تكون أكثر الخطايا إثارة لنا عندما نراها في الآخرين.

 

5- يقول الخوري بولس الفغالي " لا نحكم على ثامار بحسب قواعد السلوك التي نعرفها اليوم.. إن الكاتب لا ينظر إلى الوسائل التي اتخذتها للوصول إلى غايتها فيكون لها ولد من زوجها عير، بل يتطلع إلى أمانتها لزوجها وإلى اهتمامها بأن تؤمّن له نسلًا، وهذا ما لم يفعله أونان سلفها. وبسبب أمانتها هذه واهتمامها بنسل زوجها عذرها الكاتب على عملها.. وأعلن يهوذا براءتها على الملأ، لا بل أعلنها أبرَّ منه بالنسبة إلى ممارسة الشريعة، وهكذا حصلت ثامار رغم خطيئتها على البركة نفسها التي حصل عليها إبراهيم وإسحق ويعقوب. هم حصلوا على أرض وعدهم بها الرب، وعلى نسل يدوم بعدهم، وهي حصلت على نسل كبير سيدخل في نسل المسيح (مت 1: 3) نحن لن نتبعها فيما فعلت ولكننا لا ننسى ما قاله يسوع: جباة الضرائب والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله (مت 21: 31)"(2).

 

6- تقول الدكتور نبيلة توما " إن ثامار كانت تشتهي مثل كل سيدة عبرانية أن يأتي من نسلها المسيح المخلص، وقبلت من أجل هذا أن تُعرّض حياتها للخطر، أي للعقوبة، وقد ظهر هدفها، فلم تطلب فيما بعد أن تقترن بشيلة، فغرضها كان صالحًا، أما وسيلتها فكانت ملتوية، تشبه ما فعله يهوذا بها عندما رفض أن يعطيها ابنه شيلة. من أجل إيمانها اشتهت أن تقيم اسم للميت. أما يهوذا فرغم كبر سنه ارتكب الزنا.. والدليل أن غرضها كان صالحًا أن سفر راعوث استشهد بما فعلته، فحين رفض ولي راعوث الأول أن يتزوجها ليقيم اسم الميت فلا ينقرض بين إخوته، التصقت راعوث بواليها الثاني بوعز، الذي باركه شيوخ المدينة قائلين له "ليكن بيتك كبيت فارص الذي ولدته ثامار ليهوذا من النسل الذي يعطيك الرب من هذه" (را 4: 12)"(3).





+ + + 




ب - راحاب: دُعيت بالزانية، وهناك احتمال أن المقصود بهذا الوصف أنها صاحبة فندق، فمن يطلع على شريعة حمورابي يعرف أن السيدات هن اللواتي كن يملكن الفنادق، وكان نزلاء الفنادق غالبًا من اللصوص والمجرمين والزناة، حتى أن الكاهنة لو أمضت ليلتها في فندق فإن شريعة حمورابي تحكم عليها بالحرق، لأنه مكان فاسد، ومن هنا جاءت تسمية صاحبة الفندق بالزانية (راجع دائرة المعارف الكتابية جـ4 ص2)، وحتى لو كانت راحاب امرأة زانية بالفعل، لكنها تابت وأعلنت إيمانها بإله إسرائيل وخاطرت بحياتها من أجل حماية الجاسوسين، ونالت النجاة بسبب إيمانها فاستحقت المديح من معلمنا بولس الرسول (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 31)، وأيضًا مدحها القديس يعقوب (رسالة يعقوب 2: 25).. حقًا لو كان لأريحا قلب راحاب ما كانت سقطت المدينة ولا احترقت، وقد سبق مناقشة هذا الموضوع (فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد قديم جـ 8 س915، س918). 



(العهد القديم - سفر يشوع - الاصحاح / الفصل  2)

(العهد القديم  - سفر يشوع - الاصحاح / الفصل  6 ، العهد الجديد - رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين - الاصحاح / الفصل 11: 31 ، العهد القديم - رسالة يعقوب - الاصحاح / الفصل 2: 25)




الكتاب المقدس - العهد القديم

- سفر يشوع 

الفصل / الأصحاح الثاني



راحاب والجواسيس


1 فأرسل يشوع بن نون من شطيم رجلين جاسوسين سرا، قائلا: «اذهبا انظرا الأرض وأريحا». فذهبا ودخلا بيت امرأة زانية اسمها راحاب واضطجعا هناك.


2 فقيل لملك أريحا: «هوذا قد دخل إلى هنا الليلة رجلان من بني إسرائيل ليتجسسا الأرض».


3 فأرسل ملك أريحا إلى راحاب يقول: «أخرجي الرجلين اللذين أتيا إليك ودخلا بيتك، لأنهما قد أتيا ليتجسسا الأرض كلها».


4 فأخذت المرأة الرجلين وخبأتهما وقالت: «نعم جاء إلي الرجلان ولم أعلم من أين هما.


5 وكان نحو انغلاق الباب في الظلام أنه خرج الرجلان. لست أعلم أين ذهب الرجلان. اسعوا سريعا وراءهما حتى تدركوهما».


6 وأما هي فأطلعتهما على السطح ووارتهما بين عيدان كتان لها منضدة على السطح.


7 فسعى القوم وراءهما في طريق الأردن إلى المخاوض. وحالما خرج الذين سعوا وراءهما، أغلقوا الباب.


8 وأما هما فقبل أن يضطجعا، صعدت إليهما إلى السطح


9 وقالت للرجلين: «علمت أن الرب قد أعطاكم الأرض، وأن رعبكم قد وقع علينا، وأن جميع سكان الأرض ذابوا من أجلكم،


10 لأننا قد سمعنا كيف يبس الرب مياه بحر سوف قدامكم عند خروجكم من مصر، وما عملتموه بملكي الأموريين اللذين في عبر الأردن: سيحون وعوج، اللذين حرمتموهما.


11 سمعنا فذابت قلوبنا ولم تبق بعد روح في إنسان بسببكم، لأن الرب إلهكم هو الله في السماء من فوق وعلى الأرض من تحت.


12 فالآن احلفا لي بالرب وأعطياني علامة أمانة. لأني قد عملت معكما معروفا. بأن تعملا أنتما أيضا مع بيت أبي معروفا.


13 وتستحييا أبي وأمي وإخوتي وأخواتي وكل ما لهم وتخلصا أنفسنا من الموت».


14 فقال لها الرجلان: «نفسنا عوضكم للموت إن لم تفشوا أمرنا هذا. ويكون إذا أعطانا الرب الأرض أننا نعمل معك معروفا وأمانة».


15 فأنزلتهما بحبل من الكوة، لأن بيتها بحائط السور، وهي سكنت بالسور.


16 وقالت لهما: «اذهبا إلى الجبل لئلا يصادفكما السعاة، واختبئا هناك ثلاثة أيام حتى يرجع السعاة، ثم اذهبا في طريقكما».


17 فقال لها الرجلان: «نحن بريئان من يمينك هذا الذي حلفتنا به.


18 هوذا نحن نأتي إلى الأرض، فاربطي هذا الحبل من خيوط القرمز في الكوة التي أنزلتنا منها، واجمعي إليك في البيت أباك وأمك وإخوتك وسائر بيت أبيك.


19 فيكون أن كل من يخرج من أبواب بيتك إلى خارج، فدمه على رأسه، ونحن نكون بريئين. وأما كل من يكون معك في البيت فدمه على رأسنا إذا وقعت عليه يد.


20 وإن أفشيت أمرنا هذا نكون بريئين من حلفك الذي حلفتنا».


21 فقالت: «هو هكذا حسب كلامكما». وصرفتهما فذهبا. وربطت حبل القرمز في الكوة.


22 فانطلقا وجاءا إلى الجبل ولبثا هناك ثلاثة أيام حتى رجع السعاة. وفتش السعاة في كل الطريق فلم يجدوهما.


23 ثم رجع الرجلان ونزلا عن الجبل وعبرا وأتيا إلى يشوع بن نون وقصا عليه كل ما أصابهما.


24 وقالا ليشوع: «إن الرب قد دفع بيدنا الأرض كلها، وقد ذاب كل سكان الأرض بسببنا». 





الكتاب المقدس - العهد القديم

- سفر يشوع 

الفصل / الأصحاح السادس



1 وكانت أريحا مغلقة مقفلة بسبب بني إسرائيل. لا أحد يخرج ولا أحد يدخل.


2 فقال الرب ليشوع: «انظر. قد دفعت بيدك أريحا وملكها، جبابرة البأس.


3 تدورون دائرة المدينة، جميع رجال الحرب. حول المدينة مرة واحدة. هكذا تفعلون ستة أيام.


4 وسبعة كهنة يحملون أبواق الهتاف السبعة أمام التابوت. وفي اليوم السابع تدورون دائرة المدينة سبع مرات، والكهنة يضربون بالأبواق.


5 ويكون عند امتداد صوت قرن الهتاف، عند استماعكم صوت البوق، أن جميع الشعب يهتف هتافا عظيما، فيسقط سور المدينة في مكانه، ويصعد الشعب كل رجل مع وجهه».


6 فدعا يشوع بن نون الكهنة وقال لهم: «احملوا تابوت العهد. وليحمل سبعة كهنة سبعة أبواق هتاف أمام تابوت الرب».


7 وقالوا للشعب: «اجتازوا ودوروا دائرة المدينة، وليجتز المتجرد أمام تابوت الرب».


8 وكان كما قال يشوع للشعب. اجتاز السبعة الكهنة حاملين أبواق الهتاف السبعة أمام الرب، وضربوا بالأبواق. وتابوت عهد الرب سائر وراءهم،


9 وكل متجرد سائر أمام الكهنة الضاربين بالأبواق. والساقة سائرة وراء التابوت. كانوا يسيرون ويضربون بالأبواق.


10 وأمر يشوع الشعب قائلا: «لا تهتفوا ولا تسمعوا صوتكم، ولا تخرج من أفواهكم كلمة حتى يوم أقول لكم: اهتفوا. فتهتفون».


11 فدار تابوت الرب حول المدينة مرة واحدة. ثم دخلوا المحلة وباتوا في المحلة.


12 فبكر يشوع في الغد، وحمل الكهنة تابوت الرب،


13 والسبعة الكهنة الحاملون أبواق الهتاف السبعة أمام تابوت الرب سائرون سيرا وضاربون بالأبواق، والمتجردون سائرون أمامهم، والساقة سائرة وراء تابوت الرب. كانوا يسيرون ويضربون بالأبواق.


14 وداروا بالمدينة في اليوم الثاني مرة واحدة، ثم رجعوا إلى المحلة. هكذا فعلوا ستة أيام.


15 وكان في اليوم السابع أنهم بكروا عند طلوع الفجر وداروا دائرة المدينة على هذا المنوال سبع مرات. في ذلك اليوم فقط داروا دائرة المدينة سبع مرات.


16 وكان في المرة السابعة عندما ضرب الكهنة بالأبواق أن يشوع قال للشعب: «اهتفوا، لأن الرب قد أعطاكم المدينة.


17 فتكون المدينة وكل ما فيها محرما للرب. راحاب الزانية فقط تحيا هي وكل من معها في البيت، لأنها قد خبأت المرسلين اللذين أرسلناهما.


18 وأما أنتم فاحترزوا من الحرام لئلا تحرموا، وتأخذوا من الحرام وتجعلوا محلة إسرائيل محرمة وتكدروها.


19 وكل الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد تكون قدسا للرب وتدخل في خزانة الرب».


20 فهتف الشعب وضربوا بالأبواق. وكان حين سمع الشعب صوت البوق أن الشعب هتف هتافا عظيما، فسقط السور في مكانه، وصعد الشعب إلى المدينة كل رجل مع وجهه، وأخذوا المدينة.


21 وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.


22 وقال يشوع للرجلين اللذين تجسسا الأرض: «ادخلا بيت المرأة الزانية وأخرجا من هناك المرأة وكل ما لها كما حلفتما لها».


23 فدخل الغلامان الجاسوسان وأخرجا راحاب وأباها وأمها وإخوتها وكل ما لها، وأخرجا كل عشائرها وتركاهم خارج محلة إسرائيل.


24 وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها، إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرب.


25 واستحيا يشوع راحاب الزانية وبيت أبيها وكل ما لها، وسكنت في وسط إسرائيل إلى هذا اليوم، لأنها خبأت المرسلين اللذين أرسلهما يشوع لكي يتجسسا أريحا.


26 وحلف يشوع في ذلك الوقت قائلا: «ملعون قدام الرب الرجل الذي يقوم ويبني هذه المدينة أريحا. ببكره يؤسسها وبصغيره ينصب أبوابها».


27 وكان الرب مع يشوع، وكان خبره في جميع الأرض.



________________________________ 



1- جاء اسم راحاب من الرحب والسعة، وأختلف المفسرون في شخصيتها، فقالوا ربما كانت امرأة زانية من قبل وتابت، لكن سمعتها مازالت تلاحقها، ومازال أهل أريحا يدعونها براحاب الزانية باعتبار ما كانت عليه من قبل، وربما كانت راحاب نذيرة للآلهة الوثنية فكانت تمارس الزنا كطقس من طقوس العبادات النجسة، مثلها مثل كاهنات المعابد الوثنية، وقال البعض قد تحمل كلمة "زانية" أنها صاحبة فندق، ومن يطالع شريعة حمورابي يعرف أن السيدات هن اللاتي كن يمتلكن الفنادق، ونزلاء الفنادق من اللصوص والمجرمين، حتى أن الكاهنة لو باتت في هذا المكان لكانت تُحرق بالنار، وكانت صاحبة الفندق هي المسئولة عنه وعما يقع فيه، وحيث أن المكان ردئ ويحمل الفساد الخُلقي، فلذلك ربما دُعيت صاحبته بأنها زانية، وقد اختار الجاسوسان هذا البيت كفندق ليبيتا فيه لأنه هو المتاح لهما، وجاء في " دائرة المعارف الكتابية": "راحاب اسم عبري بمعنى " رحب أو سعة".. وتُوصف عادة " بالزانية " ولكن الكلمة العبرية المُترجمة " زانية " وصفًا لها، تعني امرأة تتعامل مع الرجال، ومن هنا يرى البعض أنها تعني امرأة صاحبة خان أو فندق.. ويقولون أن عبارة " بيت امرأة زانية" (يش 2: 1) تعني في حقيقتها " خانًا " ولكن في الإشارة إلى راحاب في الرسالة إلى العبرانيين وفي رسالة يعقوب، توُصف بكلمة " بورنيه " اليونانية (Porne) التي تعني " زانية " بالتحديد، وفي هذا فصل الخطاب.. ومع أننا نقبل وصفها " بالزانية " في ضوء ما جاء عنها في العهد الجديد، إلاَّ أن هذا لا ينفي احتمال أن بيتها كان " خانًا " فهذا يُفسر لنا لماذا اختار الجاسوسان بيتها ليقيما فيه، ربما لم يكن أفضل اختيار أن يقيما في بيت مُباح للجميع، ولكنه كان البيت المُتاح والملائم لأنه كان بجوار سور المدينة"(1).


2- هناك فرق شاسع بين فعل "اضطجع" وفعل "ضاجع" فمعنى "اضطجع" أي نام، بينما ضاجع تحمل معنى المعاشرة الجسدية، وجاء في مختار الصحاح "ضجع الرجل وَضَع جنبه بالأرض.. و(اضطجع) مثله، و(إضجعه) غيره، و(ضجِيعُك) الذي (يُضاجعُك)"(2)(3).

إذًا قول الكتاب " واضطجعا هناك" (يش 12: 1) أي أنهما ناما على الأرض بمفردهما، وليس المقصود على الإطلاق أنهم زنيا مع راحاب، ولذلك قال الكتاب " وأما هما فقبل أن يضطجعا صعدت إليهما على السطح" (يش 2: 8) صعدت إلى السطح لا لتضجع معهما، إنما لتحذرهما، فقبل أن يستسلما للنوم صعدت تحذرهما من الخطر المحيط بهما، فلم يقضيا ليلتهما في بيتها، إنما هربا من المدينة إذ أنزلتهما من الكوة (يش 2: 15).

 

3- هناك أسباب مُقنعة دفعت الجاسوسين لاختيار بيت راحاب الزانية ليدخلاه:

أ - كان موقع البيت ملاصقًا لسور المدينة إن لم يكن فوقه، مما يسهل لهما طريق الهرب متى تعرضا للخطر، وهذا ما حدث بالفعل، إذ أنزلتهما راحاب من كوة بيتها فأسرعا بالإختباء في الجبل.

ب - ربما دخل الجاسوسان هذا البيت، وهما لا يعرفان شخصية ولا سلوك صاحبته، بل ربما أن راحاب نفسها هي التي دعتهما للدخول إلى بيتها، وحتى لو كان الجاسوسان يعلمان أن صاحبة البيت زانية، فقد دخلا عن قصد ليظن أهل أريحا أنهما مسافران يبحثان عن اللذة، دون أن يكون لهما دخل بالسياسة.

جـ- كان دخولهما لهذا البيت صائبًا، متوافقًا مع المشيئة الإلهية، ففي هذا البيت التقوا براحاب التي تشتاق للتوبة وإعلان إيمانها بإله إسرائيل، وهذا ما حدث إذ آمنت راحاب ونجت ليس فقط من الموت الجسدي، بل خلصت بالأكثر من الموت الروحي، وتبدَّلت حياتها وتقدَّست وصارت ضمن شعب الله، بل وتزوج منها سلمون الذي ربما يكون أحد الجاسوسين، وأنجب منها بوعز الذي تزوج براعوث الموآبية (را 4: 13)، ومن نسل راحاب الكنعانية وراعوث الموآبية جاء السيد المسيح بحسب الجسد (مت 1: 5).

وجاء في التفسير التطبيقي: "لماذا كان على الجاسوسين أن يتوقفا في بيت راحاب الزانية؟

1- كان مكانًا صالحًا لجمع المعلومات دون أن يتعرضا للمسائلة.

2- كان بيت راحاب في موقع مثالي للهرب السريع، لأنه كان مبنيًا على سور المدينة.

3- أرشد الله الجاسوسين إلى بيت راحاب لأنه عرف أن قلبها منفتح له"(4).


4- لم يمتدح الكتاب راحاب على كذبها وخيانتها لوطنها، إنما امتدحها على إيمانها العملي بإله إسرائيل، فقد آمنت بالله وبوعوده لمنح الأرض لبني إسرائيل، وطلب النجاة ليس لنفسها فقط بل لكل ذويها، وقالت للجاسوسين " وتستحيّا أبي وأمي وأخوتي وأخواتي وكل ما لهم وتخلصا أنفسنا من الموت" (يش 2: 13) وشهد لإيمانها العملي العهد الجديد، فقال معلمنا بولس الرسول " بالإيمان راحاب لم تهلَك مع العصاة إذ قبلت الجاسوسين بسلام" (عب 11: 31) وغني عن البيان أن راحاب لو كانت متمسكة بخطيتها لهلكت بلا شك مع العصاة، وقال معلمنا يعقوب الرسول " كذلك راحاب الزانية أيضًا أما تبرَّرت بالأعمال إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر" (يع 2: 25) وإن كان يصفها بالزانية فهذا وضعها السابق قبل التبرير، ولكن بعد التبرير فهي قديسة، وهي جدة للسيد المسيح بحسب الجسد، والسيد المسيح الذي تجسد ليحمل خطايا البشرية، وقد جاء من أجل الأشرار والضالين والخطاة والعصاة لم يستنكف أن تكون إحدى جداته " راحاب " التي كانت زانية أو " راعوث " التي كانت موآبية.

ويقول القمص تادرس يعقوب " بينما هلك شعب الله بسبب عدم الإيمان فماتوا في البرية، إذا بالأمميّة الزانية تغتصب المواعيد الإلهيَّة بالإيمان الحي العامل، فيصير لها ولعائلتها نصيب في أرض الموعد، ويأتي المسيا المخلص متجسدًا من نسلها (مت 1: 5)"(3).

 

5- من الصعب أن نحكم على راحاب التي عاشت في العهد القديم تحت الخطية والوثنية بأحكام العهد الجديد، ومع هذا فإننا نقول أن الإنسان المؤمن يجب أن يخضع للحكام ويقدم لهم الإكرام اللائق ويطيعهم، فيدفع الضرائب، ويؤدي الخدمة العسكرية ويلتزم بقوانين الدولة التي يعيش فيها، ويصلي من أجل الحكام كوصية الإنجيل " فأطلب أول كل شيء أن تُقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس. لأجل الملوك وجميع الذين في منصب لكي نقضي حياة مطمئنة هادئة في كل تقوى ووقار" (1 تي 2: 1، 2) والشرط الوحيد لطاعة الحكام هو أن لا تتعارض طاعتهم مع طاعة الله تبارك اسمه، وهذا ما أوضحه سفر الأعمال: "فأجاب بطرس والرسل وقالوا ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس" (أع 5: 29) وعندما قال معلمنا بطرس أيضًا " خافوا الله. أكرموا الملك" (1 بط 2: 17) فقد جعل مخافة الله قبل إكرام الملك.

 

6- جاء الحكم الإلهي بالقضاء على شعب أريحا وملكها قضاءً مبرمًا، وعندما آمنت راحاب بإله إسرائيل فإن ولائها تحوَّل من ملك أريحا لإله إسرائيل، ويقول الخادم الدكتور " شنودة سمير القمص": "لم يقل الكتاب أن الله بارك راحاب لأنها كذبت، إنما امتدحها الإنجيل (عب 11: 31، يع 2: 25) لأنها عملت حسنًا بإخفائها الجواسيس وإرسالهم في طريق السلام، وبهذا أعلنت إيمانها العملي، فعندما كان عليها أن تختار ما بين الله وملك أريحا لم تتردد في اختيارها قط. ومع هذا فإننا لا نستطيع أن نبرئ راحاب من خطية الكذب، والغاية لا يمكن أن تبرر الوسيلة، وقد حذرنا الكتاب من الوصول للخير بعمل الشر " أَما كما يُفترى علينا وكما يزعم قوم أننا نقول لنفعل السيئات لكي تأتي الخيرات. الذين دينونتهم عادلة" (رو 3: 8) ولو عاشت راحاب حياة الفضيلة من قبل كان يمكنها أن لا تكذب، فتقول لرسل الملك مثلًا " تعالوا فتشوا بأنفسكم " ولا بُد أن الله كان سيتدخل وينقذ الموقف. إذًا من الممكن أن نقول أن الله بارك راحاب رغم كذبها، ولكن من المستحيل أن نقول أن الله بارك راحاب لأجل كذبها"(4).





+ + + 




جـ- راعوث: امرأة فاضلة وسيرتها مشرّفة جدًا، ولا يعيبها أنها كانت موآبية لأنها لم تسقط في عبادة شعبها، بل آمنت بإله إسرائيل وتهوَّدت وصارت محبتها وعلاقتها وإلتصاقها بحماتها نعمى مضرب الأمثال على مدى الأجيال. أما قصة دخولها جماعة الرب بينما الشريعة تُحرّم ذلك (سفر التثنية 23: 3)، وكيف ملك داود وهو من نسل امرأة موآبية؟ وكيف يتجسد اللَّه من نسل راحاب وراعوث؟ فقد سبق الإجابة على هذه التساؤلات (فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد قديم جـ 8 س 1063) 

(العهد القديم - سفر راعوث - الاصحاح / الفصل 4)



تساؤلات: 


لقد حضت الشريعة على رجم الزاني "إذا وُجِد رجل مضطجعًا مع امرأة زوجة بعلٍ يُقتَل الاثنان الرجل المضطجع مع المرأة والمرأة. فتنزع الشر من إسرائيل" (تث 22: 22) فكيف يزني داود النبي ولا يُرجم (2صم 11: 4)؟ وكيف يكون داود زانيًا ويدَّعي أنه إنسان بار وطاهر: "يكافئني الرب حسب برّي. حسب طهارة يديَّ يردَّ لي" (مز 18: 20)؟ وهل حاول كاتب سفر أخبار الأيام أن يغطي على خطايا داود، حتى قال "يوليوس ويلهاوزن": "أنظر ما فعلت أخبار الأيام الأول بداود"(13)



1- مادامت الشريعة تحكم برجم الزاني (تث 22: 22) فلماذا لم يُرجم داود؟


ج: أ- هناك وصايا عديدة في الشريعة تقاعس الشعب عن تنفيذها، ففي عصر القضاة كثيرًا ما ارتدوا عن الله وسقطوا في الزنا الروحي والزنا الجسدي، والزنا الروحي هو ترك عبادة الإله الحقيقية وعبادة الآلهة الغريبة، وكانت عقوبة هذه المخالفة القتل (تث 13: 5، 9، 15) وتقاعس الشعب عن تنفيذ هذا ولم يُقتل أحد، وكانت عقوبة من يقدم ابنه ذبيحة بشرية لمولك القتل (لا 20: 2) وكذلك من يمارس السحر والعرافة يُقتل (خر 22: 18)، وكانت عقوبة الزنا الجسدي الرجم (لا 20: 10، تث 22: 22) وكثيرون سقطوا في هذه الخطية ولم يُحكم عليهم بالرجم لأن هذه الخطية تمارس في السر.

ب - المفروض أن الملك هو الحارس على تنفيذ أحكام الشريعة، فعندما يخطئ الملك من يجرؤ على الحكم عليه إلاَّ إذا كان في قامة يوحنا المعمدان؟! كما أن خطية الزنا التي أرتكبها داود مثل كثير من خطايا الزنا التي تتم في طي الكتمان وليس في العلن، بل أن داود أرتكب خطيته وحاول أن يتناساها، إلاَّ أن الله المُحب لداود أرسل إليه ناثان الذي كشف خطيته وبكَّته عليها وأعلن عقوبة الله له.

جـ- صحيح كانت الشريعة تأمر برجم الزاني والزانية، ولكن الله كان أحيانًا يعامل الناس بالرحمة ويعفي عنهم، كما عفا عن شعبه بتوسلات موسى النبي رغم عبادتهم للعجل الذهبي.



2- هل داود رجل زاني أم أنه إنسان بار وطاهر (مز 18: 20)؟


ج: أ - قال داود النبي: "يكافئني الرب حسب برّي. حسب طهارة يديَّ يردُّ لي" (مز 18: 20) وقد صلى داود بهذا المزمور يوم أن أنقذه الله من أيدي أعدائه ومن يد شاول، وهذا واضح من المناسبة التي قيل فيها المزمور، كما ورد نفس المزمور في سفر صموئيل الثاني: "وكلَّم داود الربَّ بكلام هذا النشيد في اليوم الذي أنقذه فيه الرب من أيدي كل أعدائه ومن يد شاول" (2صم 22: 1) إذًا داود ترنَّم بهذا المزمور قبل أن يسقط في خطيته مع امرأة أوريا الحثي.

ب - حتى لو افترضنا أن داود رنَّم مزموره هذا بعد سقوطه في تلك الخطية، فمن ينكر أن التوبة المقبولة تغفر جميع الخطايا والذنوب والآثام، وتغسل الإنسان من جميع الأدناس، وتعيده إلى نقاوته الأولى، وقال الرب في سفر إشعياء: "هلمَّ نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج. إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف" (أش 1: 18).. أنها التوبة التي تُحوّل الزناة إلى بتوليين.



3- لو كان غير مسموح للعشيقة أن تتزوج قائد زوجها إلاَّ بعد تحليل بابا روما، فكيف تزوجت بثشبع داود؟


ج: أ - لم تكن بثشبع عشيقة داود، ولم يكن بينهما قصة حب، إنما الصدفة هي التي جعلت داود يراها عريانة فاشتهاها، ولو تقدم داود بعض الوقت أو تأخر بعض الوقت ما كان رآها في هذا المنظر.. أنه الفخ الشيطاني الذي نصبه عدو الخير بمهارة فاصطاد ذاك الرجل العظيم، ولو كان قلب داود منشغلًا بالله كما كان في معظم الأوقات ما سقط في هذا الفخ، ولو كانت له يقظة يوسف لنجا من هذا الفخ الشيطاني، ولاسيما أنه كان متزوجًا، ومتزوج بأكثر من سيدة، ويعيش وسط شعبه، وفي قصره، وهو الملك المتحكم في كل الأمور، وفي مرحلة عمرية متقدمة، بينما كان يوسف شابًا صغيرًا، أُختطف من أحضان أبيه وتغرَّب في أرض مصر، بل صار عبدًا في بيت رئيس الشرطة، والتي تطارده لتسقطه هي سيدته التي لها الأمر والنهي، ومع ذلك فأنه نجا من الفخ بينما سقط داود.

ب - مَنْ هو بابا روما الذي سمح بزواج العشيقة من قاتل زوجها؟ ولماذا فعل هذا..؟ وحتى لو صح هذا فأننا لا نعترف بعصمة أي إنسان على وجه الأرض، فالعصمة كانت مرتبطة فقط بكتبة الأسفار المقدَّسة وفقط أثناء تسجيلهم كلمة الله، فبابا روما مجرد إنسان يخطئ ويصيب، وإن كان داود النبي العظيم، ومرتل إسرائيل الحلو، قد سقط في الخطية، فليس من المستبعد أن يخطئ بابا روما في تصريحاته، فليس مولود امرأة بلا خطية، وخطية بابا روما يتحملها هو، ولا يُحاسب عليها الكتاب المقدَّس ولا المسيحية ولا الكنيسة.

جـ- كان زواج داود من بثشبع تصحيح للوضع الخطأ الذي حدث، حتى إذا وُلِد الطفل يعيش في ظل أبيه الملك وأمه، وأيضًا لكيما يعوض داود بثشبع عن قتل زوجها الذي كان سببًا فيه، وكان هذا الزواج حماية لبثشبع حتى لا تصير مطمعًا للآخرين ولاسيما بسبب جمالها الأخاذ، وكان نتيجة هذا الزواج أربعة أبناء أشهرهم سليمان حكيم حكماء الأرض.


4- مادام زواج بثشبع بداود زواج غير شرعي، ألا يكون السيد المسيح حفيد غير شرعي لداود؟ وألا يكون المسيح قد خرج من أكثر المنابع قذارة؟

 

ج: أ - يجب أن نفصل بين أمرين:

أولًا: الخطية التي سقط فيها داود: وهي خطية الزنا، ثم خطية القتل بهدف إخفاء معالم الجريمة الأولى، وهذه وتلك قدم عنهما داود توبة قوية نقية مقبولة، وكل خطية لها عقابان:

(1) العقاب الأبدي: وهذا العقاب الذي قال عنه ناثان لداود عندما أعترف بخطيته: "الرب أيضًا قد نقل عنك خطيتك. لا تموت" (2صم 12: 13) فالعقاب الأبدي لا يوجد من يحمله سوى السيد المسيح فادي البشرية، والذي حمل عقاب خطايا العالم كله منذ آدم للمجيء الثاني، وقال إشعياء النبي: "كلنا كغنم ضللنا مِلنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه أثم جميعنا" (أش 53: 6) وقال عنه يوحنا المعمدان: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطيَّة العالم" (يو 1: 29).

(2) العقاب الزمني: وهذا الذي أشار إليه ناثان النبي عندما قال لداود: "والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد.. هآنذا أقيم عليك الشر في بيتك وآخذ نساءك أمام عينيك وأعطيهن لقريبك فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس. لأنك أنت فعلت بالسر وأنا أفعل هذا الأمر قدام جميع إسرائيل وقدام الشمس" (2صم 12: 1-12) وكما قتل داود أوريا قُتل ابناه أمنون وأبشالوم وفيما بعد أدونيا، وكما زنا مع بثشبع زنا ابنه أمنون مع أخته ثامار، بل وكما أستخدم داود يوآب لقتل أوريا، أستخدم أمنون أبيه داود ليحضر له ثامار، وكما زنا داود مع بثشبع أُخذت سراري داود العشرة وأعطين لقريبه، ولم يقل ناثان لداود أن من سيفعل هذا ابنه أبشالوم حتى لا يحتاط للأمر، بل قال له قريبك، والأمر المدهش أن قريبه هذا الذي كان مجهولًا لداود يوم أن كلمه ناثان هو ابنه الخارج من أحشائه فيزني مع سراري أبيه اللاتي هن في وضع أمه -مع اختلاف الصفة الاجتماعية بين أم أبشالوم كزوجة وبين هؤلاء السراري- فنال داود العقاب الزمني بالكامل، حتى أن زواجه من بثشبع كان هو الزواج الأخير في حياة داود.

ثانيًا: زواج داود بأرملة أوريا الحثي: وكان هذا زواجًا شرعيًا مُعلنًا أمام الجميع، لا يشوبه شيئًا من عدم الشرعية، فلو كان زوجها على قيد الحياة مثلما كان زوج هيروديا التي تزوجها هيرودس، لكان بلا شك زواج غير شرعي، ولو كانت هناك صلة قرابة تمنع من إتمام هذا الزواج، لكان هذا زواجًا غير شرعي، فلا يوجد في هذه الزيجة ما يستدعي أن ندعوها أنه غير شرعية.

ب - يغض الناقد الطرف عن عقيدته في أمر ولادة السيد المسيح له المجد بدون زرع بشر، فهذا أمر واضح ومفروغ منه في القرآن، فإن كان السيد المسيح وُلِد من العذراء مريم أطهر نساء العالمين، والتي اصطفاها الله على نساء العالمين، ووُلِد بدون زرع البشر فهل نقول عنه أنه حفيد غير شرعي لداود..؟ لقد حلَّ الروح القدس على العذراء مريم فطهَّر وقدَّس مستودعها ولذلك فالجسد الذي أتخذه السيد المسيح هو جسد مقدس بلا أي خطية، جديَّة أو فعلية.. لقد أخذ السيد المسيح طبيعتنا لكنه لم يأخذ خطيتنا.. شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها.. هو وحده القدوس الذي بلا خطية، وتحدى الجميع: "من منكم يبكتني على خطية" (يو 8: 46).. فهل يصح أن نقول عن السيد المسيح أنه خرج من أكثر المنابع قذارة؟!!


5- إن كان يهوه يسرع لإرضاء هوى داود، فهو الذي قتل نابال ليسهل أول عملية عهر لداود، فلماذا غضب عليه بسبب عهره مع بثشبع؟

 

ج: أ - في قصة داود ونابال عندما جرَّد داود سيفه وأصطحب رجاله للقضاء على نابال وكل أهل بيته، التقته امرأة نابال " أبيجايل " الحكيمة وردته عن هذه المذبحة: "فقال داود لأبيجايل. مبارك الرب إله إسرائيل الذي أرسلك هذا اليوم لاستقبالي. ومبارك عقلكِ ومباركة أنتِ لأنكِ منعتني اليوم من إتيان الدماء وانتقام يدي لنفسي.. اصعدي بسلام إلى بيتك. أنظري. قد سمعت لصوتك ورفعت وجهك" (1صم 25: 32 - 35) وكل ذي عين يلمح مدى قداسة هذا اللقاء، وقد وضع داود الرب إله إسرائيل أمام عينيه، ومدح رجاحة عقل أبيجايل وصرفها بسلام إلى بيتها، ولم يشتهي داود هذه السيدة ولم ينظر إليها نظرة شهوانية، ولم يمنعها من العودة إلى بيتها، ولم يختلي بها.. فلماذا هذه النظرة الخاطئة لرجل الله؟! ثم بعد أن مات نابال أرسل داود رسلًا يستشيرها في أمر الزواج منها، فقبلت المرأة بكل رضى قائلة عن نفسها: "هوذا آمتك لغسل أرجل عبيد سيدي" (1صم 25: 41) وتم الزواج، وكان زواجًا عرفيًا.. فهل نطلق عليه عهرًا؟!

ب - ما حدث بين داود وبثشبع هو خطية زنا، فماذا يريد الناقد؟ هل يريد أن الله يبارك خطية الزنا..؟! أنظر إلى تعبير الكتاب: "وأما الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الرب" (2صم 11: 27) وكان على الناقد أن يُفرق بين "الزنا" و"العهر"، فداود زنا مرة واحدة لم تتكرر ثانية، أما "العهر" فهو تكرار لخطية الزنا مرات ومرات.. سقط داود وبثشبع في خطية الزنا، لكن لا داود كان عاهرًا ولا بثشبع كانت عاهرة؟


6- هل محبة الله لسليمان يعني ضمنيًا مباركة زواج داود من بثشبع؟


أ - شتان بين نظرة الله للخاطئ التائب ونظرة الإنسان لهذا الخاطئ، فالإنسان لا ينسى خطية أخيه مهما مرَّ الزمن، ومهما تاب هذا الخاطئ وتنقى من هذه الخطية، ويظل يدينه في فكره، وربما في مواقف معينة يذكّره بخطيته هذه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولذلك أوصانا الله قائلًا: "لا تدينوا لكي لا تدانوا" (مت 7: 1). أما الله فعندما يغفر لنا فأنه ينسى تمامًا خطايانا، فهو الذي قال:

" لأني أصفح عن أثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد" (أر 31: 34).

" وخطية يهوذا فلا تُوجَد" (أر 50: 20).

" وتُطرَح في أعماق البحر جميع خطاياهم" (مي 7: 11).

" لأني أكون صفوحًا عن آثامهم ولا أذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد" (عب 8: 12).

ب - بعد موت الطفل ابن الزنا " عزَّى داود بثشبع امرأته ودخل إليها واضطجع معها فولدت ابنًا فدعا اسمه سليمان والرب أحبه. وأرسل بيد ناثان النبي ودعا اسمه يديديَّا من أجل الرب" (2صم 12: 24، 25) ومعنى اسم " يديديَّا " أي " حبيب الرب " أو " محبوب الرب"، وجاء في "كتاب السنن القويم": "كان الرب ضرب الولد الأول ولكنه سمَّى الولد الثاني بهذا الاسم ليعرف والداه أن خطيئتهما مغفورة وابنهما هذا محبوب.. وخلف سليمان أباه في المُلك وتسلسل منه المسيح رئيس السلام"(6).


(العهد القديم - سفر راعوث - الاصحاح / الفصل 4)




الكتاب المقدس - العهد القديم

- سفر راعوث 

الفصل / الأصحاح الرابع  




بوعز يتزوج من راعوث 


1 فصعد بوعز إلى الباب وجلس هناك. وإذا بالولي الذي تكلم عنه بوعز عابر. فقال: «مل واجلس هنا أنت يا فلان الفلاني». فمال وجلس.


2 ثم أخذ عشرة رجال من شيوخ المدينة وقال لهم: «اجلسوا هنا». فجلسوا.


3 ثم قال للولي: «إن نعمي التي رجعت من بلاد موآب تبيع قطعة الحقل التي لأخينا أليمالك.


4 فقلت إني أخبرك قائلا: اشتر قدام الجالسين وقدام شيوخ شعبي. فإن كنت تفك ففك. وإن كنت لا تفك فأخبرني لأعلم. لأنه ليس غيرك يفك وأنا بعدك». فقال: «إني أفك».


5 فقال بوعز: «يوم تشتري الحقل من يد نعمي تشتري أيضا من يد راعوث الموآبية امرأة الميت لتقيم اسم الميت على ميراثه».


6 فقال الولي: «لا أقدر أن أفك لنفسي لئلا أفسد ميراثي. ففك أنت لنفسك فكاكي لأني لا أقدر أن أفك».


7 وهذه هي العادة سابقا في إسرائيل في أمر الفكاك والمبادلة، لأجل إثبات كل أمر. يخلع الرجل نعله ويعطيه لصاحبه. فهذه هي العادة في إسرائيل.


8 فقال الولي لبوعز: «اشتر لنفسك». وخلع نعله.


9 فقال بوعز للشيوخ ولجميع الشعب: «أنتم شهود اليوم أني قد اشتريت كل ما لأليمالك وكل ما لكليون ومحلون من يد نعمي.


10 وكذا راعوث الموآبية امرأة محلون قد اشتريتها لي امرأة، لأقيم اسم الميت على ميراثه ولا ينقرض اسم الميت من بين إخوته ومن باب مكانه. أنتم شهود اليوم».


11 فقال جميع الشعب الذين في الباب والشيوخ: «نحن شهود. فليجعل الرب المرأة الداخلة إلى بيتك كراحيل وكليئة اللتين بنتا بيت إسرائيل. فاصنع ببأس في أفراتة وكن ذا اسم في بيت لحم.


12 وليكن بيتك كبيت فارص الذي ولدته ثامار ليهوذا، من النسل الذي يعطيك الرب من هذه الفتاة».


نسب داود 


13 فأخذ بوعز راعوث امرأة ودخل عليها، فأعطاها الرب حبلا فولدت ابنا.


14 فقالت النساء لنعمي: «مبارك الرب الذي لم يعدمك وليا اليوم لكي يدعى اسمه في إسرائيل.


15 ويكون لك لإرجاع نفس وإعالة شيبتك. لأن كنتك التي أحبتك قد ولدته، وهي خير لك من سبعة بنين».


16 فأخذت نعمي الولد ووضعته في حضنها وصارت له مربية.


17 وسمته الجارات اسما قائلات: «قد ولد ابن لنعمي» ودعون اسمه عوبيد. هو أبو يسى أبي داود.


18 وهذه مواليد فارص: فارص ولد حصرون،


19 وحصرون ولد رام، ورام ولد عميناداب،


20 وعميناداب ولد نحشون، ونحشون ولد سلمون،


21 وسلمون ولد بوعز، وبوعز ولد عوبيد،


22 وعوبيد ولد يسى، ويسى ولد داود. 



________________________________ 







+ + + 




د - بثشبع: هناك تساؤلات عديدة بشأنها وشأن داود، إذ كيف يزني داود النبي والملك معها ولا يُرجَم بحسب حكم الشريعة (سفر التثنية 22: 22)؟!، وكيف بعد هذا يدعو الكتاب داود بأنه الملك الطاهر (سفر المزامير 18: 20)؟ وهل مادام زواج بثشبع بداود زواج غير شرعي، فإن هذا يعني أن السيد المسيح حفيد غير شرعي لداود؟ وكيف يخرج المسيح من أكثر المنابع قذارة؟.. إلخ.. كل هذه التساؤلات تمت الإجابة عليها من قبل (فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد قديم جـ 9 س1194). 


(العهد القديم - سفر صموئيل الثاني - الاصحاح / الفصل 11: 3، 4




الكتاب المقدس - العهد القديم

- سفر صموئيل الثاني 

الفصل / الأصحاح الحادي عشر



داود وبثشبع 


1 وكان عند تمام السنة، في وقت خروج الملوك، أن داود أرسل يوآب وعبيده معه وجميع إسرائيل، فأخربوا بني عمون وحاصروا ربة. وأما داود فأقام في أورشليم.


2 وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحم. وكانت المرأة جميلة المنظر جدا.


3 فأرسل داود وسأل عن المرأة، فقال واحد: «أليست هذه بثشبع بنت أليعام امرأة أوريا الحثي؟».


4 فأرسل داود رسلا وأخذها، فدخلت إليه، فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها. ثم رجعت إلى بيتها.


5 وحبلت المرأة، فأرسلت وأخبرت داود وقالت: «إني حبلى».


6 فأرسل داود إلى يوآب يقول: «أرسل إلي أوريا الحثي». فأرسل يوآب أوريا إلى داود.


7 فأتى أوريا إليه، فسأل داود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ونجاح الحرب.


8 وقال داود لأوريا: «انزل إلى بيتك واغسل رجليك». فخرج أوريا من بيت الملك، وخرجت وراءه حصة من عند الملك.


9 ونام أوريا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيده، ولم ينزل إلى بيته.


10 فأخبروا داود قائلين: «لم ينزل أوريا إلى بيته». فقال داود لأوريا: «أما جئت من السفر؟ فلماذا لم تنزل إلى بيتك؟»


11 فقال أوريا لداود: «إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام، وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء، وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع امرأتي؟ وحياتك وحياة نفسك، لا أفعل هذا الأمر».


12 فقال داود لأوريا: «أقم هنا اليوم أيضا، وغدا أطلقك». فأقام أوريا في أورشليم ذلك اليوم وغده.


13 ودعاه داود فأكل أمامه وشرب وأسكره. وخرج عند المساء ليضطجع في مضجعه مع عبيد سيده، وإلى بيته لم ينزل.


14 وفي الصباح كتب داود مكتوبا إلى يوآب وأرسله بيد أوريا.


15 وكتب في المكتوب يقول: «اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة، وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت».


16 وكان في محاصرة يوآب المدينة أنه جعل أوريا في الموضع الذي علم أن رجال البأس فيه.


17 فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب، فسقط بعض الشعب من عبيد داود، ومات أوريا الحثي أيضا.


18 فأرسل يوآب وأخبر داود بجميع أمور الحرب.


19 وأوصى الرسول قائلا: «عندما تفرغ من الكلام مع الملك عن جميع أمور الحرب،


20 فإن اشتعل غضب الملك، وقال لك: لماذا دنوتم من المدينة للقتال؟ أما علمتم أنهم يرمون من على السور؟


21 من قتل أبيمالك بن يربوشث؟ ألم ترمه امرأة بقطعة رحى من على السور فمات في تاباص؟ لماذا دنوتم من السور؟ فقل: قد مات عبدك أوريا الحثي أيضا».


22 فذهب الرسول ودخل وأخبر داود بكل ما أرسله فيه يوآب.


23 وقال الرسول لداود: «قد تجبر علينا القوم وخرجوا إلينا إلى الحقل فكنا عليهم إلى مدخل الباب.


24 فرمى الرماة عبيدك من على السور، فمات البعض من عبيد الملك، ومات عبدك أوريا الحثي أيضا».


25 فقال داود للرسول: « هكذا تقول ليوآب: لا يسؤ في عينيك هذا الأمر، لأن السيف يأكل هذا وذاك. شدد قتالك على المدينة وأخربها. وشدده».


26 فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجلها، ندبت بعلها.


27 ولما مضت المناحة أرسل داود وضمها إلى بيته، وصارت له امرأة وولدت له ابنا. وأما الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الرب. 



 وضع هؤلاء الخطاة والخاطئات يُلقي الضوء على خطة الخلاص الإلهيَّة التي رفعت الإنسان من الحضيض لتسكنه في الملكوت، فيقول "القديس ساويرس الأنطاكي" بشأن هؤلاء النسوة الغريبات الخاطئات: " ليكشف أن طبيعتنا التي أخطأت وسقطت، ودارت وتعثرت في الشهوات غير اللائقة، هيَ التي جاء المسيح لعلاجها، حتى أنها عندما هربت ضبطت، وعندما إندفعت في ثورتها أسرعت في الابتعاد أمسكها وأوقفها وآتى بها وقادها إلى الطريق"


 الكنيسة كثامار: تخلصت دفعة واحدة من أعمالها الشريرة ثم تبعته. 

وراعوث يشبه حالها أحوالنا: كانت قبيلتها غريبة عن إسرائيل، وقد هبطت إلى غاية الفقر، ومع ذلك لما أبصرها بوعز، لم يزدر بفقرها، ولا رفض دناءة جنسها، 

كذلك السيد المسيح لم يرفض كنيسته وقد كانت غريبة وفي فقر من الأعمال الصالحة.. 

وكما أن راعوث لو لم تترك شعبها وبيتها لما ذاقت ذلك المجد، فكذلك الكنيسة ..




لماذا  ذكر أسماء هؤلاء النسوة في إنجيل متي ؟



عندما سجل البشير متي  أنساب المسيح أورد فيها أولئك النسوة الزانيات، لأنه لا يمكن لأحدنا أن يكون فاضلًا بفضيلة أجداده، أو شريرًا برذيلة أجداده. أن الشخص الذي لم يكن من أجداد فاضلين وصار صالحًا، فذلك شرف فضله عظيم. فلا يفتخر ولا ينتفخ أحد بأجداده، إذ تفطَّن في أجداد سيدنا، ولينظر إلى أعماله الخاصة، وحتى فضائله لا يفتخر بها.



لم يؤلف القديس متى سلسلة أنساب السيد المسيح، إنما نقلها كما هيَ من السجلات التي استعان بها، فمثلًا اسم "ثامار" و"بثشبع" أخذهما من سلسلة الأنساب الواردة في سفر أخبار الأيام الأول، فعندما ذكر عزرا اسم "يهوذا" قال: " وَثَامَارُ كَنَّتُهُ وَلَدَتْ لَهُ فَارَصَ وَزَارَحَ" (1 أي 2: 4) وعندما ذكر أولاد داود قال: "... شِمْعَى وَشُوبَابُ وَنَاثَانُ وَسُلَيْمَانُ. أَرْبَعَةٌ مِنْ بَثْشُوعَ بِنْتِ عَمِّيئِيلَ" (1 أي 3: 5)، وبلاشك فإن الروح القدس هو الذي قاد الكاتب لإظهار هذه السلسلة بهذه الصورة، ولعلنا نلاحظ فيها الأمور الآتية:

أ - قصد الروح القدس تحطيم كبرياء وتشامخ اليهود الذين يتعالون على الأمم، ويتفاخرون بآبائهم، في الوقت الذي أراد فيه الروح القدس أن يظهر تواضع السيد المسيح الذي ارتضى أن يتجسد ويتأنس من أسلاف بهذه الصورة المذرية، بل قَبِل أمميات ليكن جدات له، ولا عجب فقد جاء من أجل اليهود والأمم.

ب - قصد الروح القدس أن يعلمنا أن اللَّه يختار الأدنياء والمزدرى وغير الموجود ليبطل بهم الموجود، وحتى لا يفتخر أحد أمامه، فمن أراد أن يفتخر فلا يفتخر بآبائه وأسلافه بل بالرب يفتخر.

جـ - جاء السيد المسيح ليشرّف البشرية ويسبغ عليها من كرامته، ولم يأتِ لينال شرفًا من هذه البشرية الفاسدة.

د - هذا هو حال البشرية الساقطة التي من أجلها تجسَّد ابن اللَّه لكيما يقدّسها ويتخذها عروسًا له، فدمه كفيل بتطهير أشر الخطاة من شرورهم وآثامهم.

هـ - قصد الروح القدس أن يعلمنا عظم التوبة التي تُحوّل الزناة إلى بتوليين، وداود الساقط إلى داود العظيم حتى أن السيد المسيح ينتسب له.



 كما يقول "القديس يوحنا ذهبي الفم": " إن السيد المسيح لم يأتِ ليهرب من تعييراتنا، بل ليزيلها، أنه لا يخجل من أي نوع من نقاصنا. وكما أن أولئك الأجداداخذوا  نسوة زانيات، فكذلك ربنا وإلهنا خطب لذاته طبيعتنا التي زنت.


 قال الكتاب صراحة وبوضوح تام: " أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ.. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ" (رو 3: 10 - 12). ولو كان هناك أُناس أبرار في كل الأجيال ليتناسل منهم السيد المسيح، ما كان هناك أساسًا أي داعٍ لتجسده.. ألم يأتِ ليحمل خطايا البشرية جمعاء في كل زمان ومكان منذ آدم إلى آخر الدهور؟!!.. ألم يقل عنه يوحنا المعمدان: " هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ" (يو 1: 29)؟!!.. لقد جاء السيد المسيح ليحمل أرث الماضي بكل خطاياه وآثامه، وأيضًا أخطاء وخطايا الحاضر والمستقبل.





الكتاب المقدس
- العهد الجديد
إنجيل متى

الفصل / الأصحاح الأول

 


نسب يسوع المسيح 


1 كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم

2 إبراهيم ولد إسحاق. وإسحاق ولد يعقوب. ويعقوب ولد يهوذا وإخوته

3 ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار. وفارص ولد حصرون. وحصرون ولد أرام

4 وأرام ولد عميناداب . وعميناداب ولد نحشون. ونحشون ولد سلمون

5 وسلمون ولد بوعز من راحاب. وبوعز ولد عوبيد من راعوث. وعوبيد ولد يسى

6 ويسى ولد داود الملك . وداود الملك ولد سليمان من التي لأوريا

7 وسليمان ولد رحبعام . ورحبعام ولد أبيا. وأبيا ولد آسا

8 وآسا ولد يهوشافاط. ويهوشافاط ولد يورام. ويورام ولد عزيا

9 وعزيا ولد يوثام. ويوثام ولد أحاز. وأحاز ولد حزقيا

10 وحزقيا ولد منسى. ومنسى ولد آمون. وآمون ولد يوشيا

11 ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل

12 وبعد سبي بابل يكنيا ولد شألتئيل. وشألتئيل ولد زربابل

13 وزربابل ولد أبيهود . وأبيهود ولد ألياقيم. وألياقيم ولد عازور

14 وعازور ولد صادوق. وصادوق ولد أخيم. وأخيم ولد أليود

15 وأليود ولد أليعازر . وأليعازر ولد متان. ومتان ولد يعقوب

16 ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح

17 فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلا، ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلا، ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلا



ميلاد يسوع المسيح 


18 أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف، قبل أن يجتمعا، وجدت حبلى من الروح القدس

19 فيوسف رجلها إذ كان بارا، ولم يشأ أن يشهرها، أراد تخليتها سرا

20 ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور، إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا: يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس

21 فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم

22 وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل

23 هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا، ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره: الله معنا

24 فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب، وأخذ امرأته

25 ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. ودعا اسمه يسوع

 












تم عمل هذا الموقع بواسطة