تفسير نشيد الانشاد - الكتاب المقدس - العهد القديم -  سفر نشيد الأنشاد -  الفصل / الإصحاح الثالث (٣)


اقرأ النص اولا - ثم يليه الشرح 




 النص


الكتاب المقدس - العهد القديم
سفر نشيد الأنشاد

الفصل / الإصحاح الثالث

 

1 في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي. طلبته فما وجدته

2 إني أقوم وأطوف في المدينة، في الأسواق وفي الشوارع، أطلب من تحبه نفسي. طلبته فما وجدته

3 وجدني الحرس الطائف في المدينة، فقلت: أرأيتم من تحبه نفسي

4 فما جاوزتهم إلا قليلا حتى وجدت من تحبه نفسي، فأمسكته ولم أرخه، حتى أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي

5 أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقل، ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء

6 من هذه الطالعة من البرية كأعمدة من دخان، معطرة بالمر واللبان وبكل أذرة التاجر

7 هوذا تخت سليمان حوله ستون جبارا من جبابرة إسرائيل

8 كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل

9 الملك سليمان عمل لنفسه تختا من خشب لبنان

10 عمل أعمدته فضة، وروافده ذهبا، ومقعده أرجوانا، ووسطه مرصوفا محبة من بنات أورشليم

11 اخرجن يا بنات صهيون، وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه، وفي يوم فرح قلبه





الشرح


يعتبر اليهود نشيد الانشاد (أو قدس الاقداس) نشيد رمزي يعكس علاقة الحب المتبادل بين الله و شعبه إسرائيل ، 

تسلمت الكنيسة المسيحية من يدي الكنيسة اليهودية هذا السفر ضمن أسفار العهد القديم، وقد احتل هذا السفر مركزًا خاصًا بين الأسفار لما يحمله من أسلوب رمزي يعلن عن الحب المتبادل بين الله وشعبه ((المسيح  (العريس) و الكنيسة ("عروسه")) ، أو بين الله والنفس البشرية.





في هذا الفصل / الإصحاح الثالث :

+ الآيات من ١ إلي ٥ : العروس هي المتكلمة ... 

(في الآية ٣ : تسأل العروس حرس طائف المدينة عن عريسها)

(في الآية ٥ : تحدث العروس صديقاتها و تكلمهم عن عريسها وعن مكانته العالية عندها)


+  في  الآية ٦ : قد يكون المتكلم :

-  أما العريس نفسه ..

- وأما السمائيين ..

- وأما بنات أورشليم ..




(ملحوظة : نسخ الكتاب المقدس التي كتبت فوق الايات من هو المتكلم وضحت ان المتكلم هنا في :  الاصحاح الثالث من سفر نشيد الانشاد ، عدد ٦ الي ١١ ، هم الاصدقاء ... لذا قد يختلف الشرح ، ندعوك للبحث)





+  في  الآيات من ٧ إلي ١٠ : قد يكون المتكلم :

-  أما العروس نفسها ..

- وأما السمائيين ..

- وأما بنات أورشليم .. 




(ملحوظة : نسخ الكتاب المقدس التي كتبت فوق الايات من هو المتكلم وضحت ان المتكلم هنا في :  الاصحاح الثالث من سفر نشيد الانشاد ، عدد ٦ الي ١١ ، هم الاصدقاء ... لذا قد يختلف الشرح ، ندعوك للبحث)





+ الآية ١١ : العروس هي المتكلمة ...

(و هي تحدث بنات اورشليم عن عريسها (يسوع و الذي تعتبره هو الملك سليمان الحقيقي)




(ملحوظة : نسخ الكتاب المقدس التي كتبت فوق الايات من هو المتكلم وضحت ان المتكلم هنا في :  الاصحاح الثالث من سفر نشيد الانشاد ، عدد ٦ الي ١١ ، هم الاصدقاء ... لذا قد يختلف الشرح ، ندعوك للبحث)









1 في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي. طلبته فما وجدته

رأينا مما تقدم كيف ان العروس طلبت إلى عريسها وحبيبها ان يمتعها بقربه إليها ويبهجها بعشرته المقدسة إلى النهاية  "إلى ان يفيح النهار" ،  إلا أننا نراها هنا مع أسف شديد قد فقدت الإحساس بقربه ، وعندئذ وجدت نفسها في ظلمة قاتمة . 


في الليل = 

أي وسط التجارب والضيقات، وسط الخطايا والسقطات على الجبال المشعبة  طلبت النفس عريسها. 


على فراشي = 

أي في تراخٍ وتواكل أو اعتداد بالذات. ومن الطبيعي في هذه الحالة أنها لا تجده. (في حياة الإنسان الروحية تمر لحظات ضعف، هذا شيء طبيعي).


لا شك أن العروس (الكنيسة / النفس البشرية) من ناحية الخلاص كانت مطمئنة تماما كما أنه كانت لها العواطف المحبة لعريسها (يسوع المسيح)  ،  "من تحبه نفسي" ، إلا أنها ليست متمتعة ببهجة الخلاص ولا بفرح الشركة معه، ولا ريب في ان النفس وهي في حالة الظلام تحس كما لو كان المسيح تحول عنها لكن الواقع هو ان النفس هي التي تحولت عن المسيح. ان الرب له كل المجد  هو هو "لا أهملك ولا أتركك". "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر". "ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" إنما التغيير في شركتنا معه وتمتعنا به مرجعه إلينا نحن، إن كانت عيوننا مثبتة على شخصه الغالي ، وكان هو كل غايتنا ومركز تفكيرنا حينئذ ستمتلئ نفوسنا نورا وفرحا.


العريس أوصاها بأن تحتمى به كالحمام الذي يختبئ في الصخر ،  وهذا يكون باستمرارها في الصلاة لتكون على صلة به ولا تنفصل عنه. 

ولكن نجد هذه النفس وقد تكاسلت بدون جهاد. والتكاسل وعدم الجهاد في الصلاة هو الخطوة الأولى لبداية الانفصال عن العريس. ونتيجتها أنها لم تجده أي فقدت فرحة بيت الخمر التي تذوقتها في عشرتها معه.

ومن هنا يبدأ الإنزلاق على منحدر الجبال المشعبة . فلمذا يحدث هذا الإنحدار؟ لأنها صارت بلا تعزية تسندها خلال آلام هذا العالم. هذه التي كانت تحصل عليها من عشرتها مع عريسها وقت الصلاة.





شرح الآيات ١ + و ٢ + و ٣ معا :


1 في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي. طلبته فما وجدته

2 إني أقوم وأطوف في المدينة، في الأسواق وفي الشوارع، أطلب من تحبه نفسي. طلبته فما وجدته

3 وجدني الحرس الطائف في المدينة، فقلت: أرأيتم من تحبه نفسي


المدينة =

العالم بضجيجه و مشاغله .


الأسواق =

كتب الفلاسفة .


الشوارع =

الطبيعة .


وجدني الحرس الطائف  =

هؤلاء هم خدام المسيح أرسلهم لحبيبته الضالة ليرشدوها بدلًا من ضياعها .



* * *


 طلبت من تحبه نفسي. طلبته فما وجدت =

وهنا يمكننا تفسير هذا الحديث من وجهتين:

١) حديث الكنيسة الجامعة لعريسها يسوع المسيح، 


أو 

٢) حديث النفس البشرية كعضو في الكنيسة مع مسيحها


------ 

+++ الوجهة الأولي :

----------------------


١) حديث الكنيسة الجامعة لعريسها يسوع المسيح :

منذ ارتفع يسوع المسيح على الصليب، طلبته الكنيسة ثلاث مرات ولم تجده إلا في المرة الأخيرة. 

(أ‌)  في المرة الأولى  طلبته "في الليل"..

 ولعل ذلك إشارة إلى الظلمة التي غطت الأرض في لحظات الصليب، إذ يقول الكتاب المقدس : "ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة.  ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم... وإذا حجاب الهيكل قد أنشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين" (متي ٢٧ / ٤٥ - ٥٢)... تحول النهار إلى ليل. وكأن التلاميذ قد عمهم الظلام فكريا  ، كانت ظلمة على كل الأرض، ولم يستطع حتى التلاميذ أن يدركوا سرّ الخلاص في ذلك الحين ، كذلك لم يستطيعوا أن يدركوا أسرار الروح حتى أن اثنين منهم وهما تلميذا عمواس قالا في شك "كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدى إسرائيل". 


(ب)  وفي المرة الثانية طلبته العروس ليلًا "أيضًا"..

لم تكن العروس على فراشها بل كانت تطوف المدينة في الأسواق والشوارع (الآية ٢ و ٣ في هذا الأصحاح / الفصل)  – وهذا إشارة إلى حال تلاميذ الرب بعد دفنه ودخولهم العلية وتحول وقتهم كله إلى ليل. إذ طلبوا الرب وهم خائفين والأبواب والنوافذ مغلقة.  لقد حاولوا أن يسترجعوا قوتهم ويقوموا يبحثون عنه في المدينة في الأسواق والشوارع. لقد كان الوقت سبتا" ولم يذوقوا طعم الراحة.


(ج)  أما في المرة الثالثة فقد تم البحث عنه عند القبر الفارغ ..

 عند القبر الفارغ – خرجت مريم المجدلية فجر الأحد والظلام باق، ولم تبال بالسير في الشوارع والأسواق حتى وصلت القبر – وكأنها خرجت نيابة عن الكنيسة حزينة القلب وسألت الملاك بدموع عمن تحبه نفسها. وما جاوزته قليلا" حتى رأت الرب والتصقت به. لقد أمسكت به أولا، لكنها إذ أرادت أن تبقى هكذا سألها أن تسرع وتخبر التلاميذ أن يلتقوا به في الجليل.. وكأن القديسة مريم دخلت به إلى الكنيسة بيت أمها وحجرة من حبلت بها.


------


+++ الوجهة الثانية :

----------------------


٢) حديث النفس البشرية كعضو في الكنيسة مع مسيحها :

إن كانت الكنيسة قد طلبته ثلاث مرات، وهو على الصليب، وهو في القبر، وأخيرًا بعد قيامته عند القبر الفارغ... وفي اليوم الثالث وجدته، فإن النفس البشرية في بحثها عنه قد تطلبه ثلاث مرات أو بثلاث طرق لكنها لا تجده إلاَّ في الطريق الأخير: 

(أ‌)  تطلبه بمجهودها الذاتي البشري ، طلبته على فراشها – انه يمثل وقت ضعفها وتراخيها. "فِي اللَّيْلِ عَلَى فِرَاشِي..."

ربما عنت بالليل إنها صارت مسترخية في ظلمة الاستهتار، تطلبه وهي مستلقية على فراشها في تواكل بلا جهاد روحي حق... لذلك طلبته فما وجدته. إنما لم تسترح على السرير الذي وصفته قبلًا "سريرنا أخضر" (نشيد الانشاد ١ / ١٦)، لكنها أرادت أن تستلقي على سريرها البشري.

رأينا أن الحديث عن "سريرنا الأخضر" يُشير إلى اتحاد الله الكلمة ببشريتنا، فحمل جسدنا فيه، أما الحديث عن "سريري" أو "فراشي" فيُشير إلى "جسدي" أو "بشريتي" في اعتزالها أو اعتدادها بذاتها.

مهما كان مجهودها الذاتي لكنها لا تقدر أن تلتقي معه إن لم يجتذبها هو إليه.


(ب)  أو تطلبه خلال الأسواق و الطبيعة، 

خرجت النفس من ذاتها إذ تركت فراشها قائلة "أقوم" ودخلت المدينة تبحث عن عريسها ، تبحث عنه داخل المدينة في الأسواق والشوارع.

و الأسواق مقصود بها لبحث عن الله خلال كتب الفلاسفة، أما الشوارع فمقصود بها البحث عن الله في الطبيعة، لكن يا لغباوة  النفس التي تخرج لتطلب الله خارج نفسها، مع أن الله موجودا في أعمق اعماق النفس.


(ج)  و أخيرًا تطلبه بثقة في قدرة عمل الله فيها دون تجاهل لجهادها ولخدمة العاملين في كرمه.

هنا العروس (النفس البشرية) بحثت عن عريسها (يسوع المسيح) خلال "الحراس" الذين هم خدام الكلمة الإلهي وفي هذه المرة أيضًا لا تقدر العروس أن تلتقي بعريسها إلاَّ بعد تجاوزهم قليلًا. فالعاملون في الكرم يسندون النفس للدخول إلى العريس، لكنهم لا يقدرون أن يدخلوا بها إليه إلاَّ بعمله هو، إذ وحده يقدر أن يجتذب القلب نحوه.

حقًا، إن الكهنة ملتزمون بالحراسة، لكن "إن لم يحرس الرب المدينة فباطلًا سهر الحراس" (مزمور ٢٧ / ١). إن كانوا يقومون بالعمل الكهنوتي فمن خلال العريس نفسه "الكاهن على رتبة ملكي صادق إلى الأبد".


* * * 


إذ إنفصلت النفس عن عريسها ذهبت إلى العالم إذ ظنت أن هذا يعزيها بحسب خبراتها القديمة قبل أن تعرف عريسها. تركت الحمامة محاجئ الصخر، وهنا ضلت طريقها وسط العالم. وهذا خطأ يقع فيه الكثيرين إذ يتوجهوا للأصدقاء وللملذات الحسية إن فقدوا التعزيات السماوية. وهم يفقدونها إذ أخطأوا ببعدهم عن علاقتهم بالله. وكان عريسها قد أرشدها أن لا تبتعد عنه ولذلك ما عادت تجده وقطعا ضاع منها فرحها. 







4 فما جاوزتهم إلا قليلا حتى وجدت من تحبه نفسي، فأمسكته ولم أرخه، حتى أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي

شرح لها الخدام. ولكن الخادم يسند المخدوم ويدله على الطريق، ولكنه لا يستطيع ان يدخل معه. ولذلك ومع سؤالها كانت لم تجده بعد. 


فما جاوزتهم إلا قليلاً = 

هي دخلت في خبرتها الخاصة مع حبيبها داخل مخدعها واختبرت صدق ما قاله لها الخدام، وهي لم تتعلق بالخدام، بل طلبت العمق، عمق الخبرة الشخصية. 

أنها تعلمت من الخدام الذين أرسلهم الله وعادت تجاهد بنفسها في صلواتها، لتعود لعشرتها القديمة ولخبراتها القديمة. ونلاحظ أن المسيح موجود دائماً قريباً من وسائط النعمة. والآن وَجَدَته. 


ولكنها كانت ذكية جدًاً فأمسكت به = 

أي إستمرت في علاقتها معه داخل غرفتها. 


ولم أرخه = 

لم تعد للتراخي ولم تعد للأسواق


حتى أدخلته بيت أمي = 

بيت أمي المقصود هنا هو بقية الأسباط و الشعوب التي لم تعرف يسوع المسيح


حبلت بي 

الأسباط و الشعوب التي ولدت منها . 


غني عن البيان ان هذه الكلمات ستكون لسان حال بقية الشعب الذي سيأتي للمسيح مستقبلا ومنهم شعب اسرائيل الذي سيعترف بالرب يسوع المسيح ،  إن تلك البقية الباقية هي عروس الرب الأرضية ، فأنها لن تجد وقتئذ راحتها وسلامها في وسط آلامها إلا في عريسها وملكها المسيا ، ستهتم كنيسة يسوع الصغيرة (الآن) بتوصيل هذه البركة لبقية الأسباط ...  - ... (أشعياء ١١ / ١١ - ١٢ : ويكون في ذلك اليوم أن السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبه، التي بقيت، من أشور، ومن مصر، ومن فتروس، ومن كوش، ومن عيلام، ومن شنعار، ومن حماة ، ومن جزائر البحر. ... ويرفع راية للأمم، ويجمع منفيي إسرائيل، ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض) ... (وحزقيال ٣٧ / ٢١ - ٢٨ :  وقل لهم: هكذا قال السيد الرب: هأنذا آخذ بني إسرائيل من بين الأمم التي ذهبوا إليها ، وأجمعهم من كل ناحية، وآتي بهم إلى أرضهم) ... - ... 

وهذا واضح من قولها "أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي ،  ان الأم المشار إليه هنا هي بقية الأسباط التي ستدخل اليهم العروس (كنيسة يسوع المسيح) بعريسها (يسوع المسيح) ... 


من المحقق ان المقصود بالأم هنا ليست الكنيسة كما يخيل إلى البعض و إنما هو الشعب الأرضي الذي سيجئ ليسوع المسيح ، إذ أن الكنيسة (العروس)  ستدخل بيسوع المسيح لمن لا يعرفه و ستعرفه (و هو عريسها و ملكها) علي اهلها و اخواتها و اصدقائها و كل من في بيت امها الذين لا يعرفونه  ... 

لكن لماذا نقول ان الأم المشار إليها هنا ليست الكنيسة ؟ لأنه ببساطة عندما تقول العروس : " أدخلته بيت أمي" ، نسأل : لماذا تدخل العروس اي الكنيسة / أو النفس البشرية بعريسها يسوع المسيح إلي الكنيسة و هو اصلا رأس و اساس الكنيسة ؟  ان الكنيسة لا يشار إليها مطلقا بأنها "أم" ؟ لا يمكن ان تكون أما للمسيحيين الحقيقيين لأنهم هم الكنيسة. ان الأم المشار إليه هنا هي بقية الأسباط. من المسلم به ان العروس ، امرأة الخروف هي الكنيسة، هي عروس المسيا  التي ستضم اليها مستقبلا البقية الأرضية الباقية ، أما أمها التي تشير إليها العروس (الكنيسة)  هنا فهي "بقية الأسباط" و الشعوب التي خرجت منها الكنيسة الصغيرة حاليا و التي ستكبر مستقبلا عندما تضم اليها افراد كل الشعوب .

ان العريس أدخل عروسه إلى حجاله ، إلى أقرب مكان إلى قلبه، لان هذا هو غرض محبته ونعمته ، هذه هي إرادته وأفكاره من نحونا، وهوذا العروس، بعد ان ذاقت حلاوة محبته لها وعطفه عليها إذ رد نفسها وأعاد إليها بهجة الشركة معه ، هذه الشركة التي فقدتها وقتا ما، فأنها بدورها إذ وجدته وأمسكته، أدخلته بيت أمها وحجرة من حبلت بها ليعرفه كل من لا يعرفه .  لقد أدخلها إلى حجالها ليمنعها بحلاوة محبته لها ويشبعها من دسم نعمته، وهوذا هي أيضا تدخله إلى حجالها ، إلى بيت أمها وحجرة من حبلت بها لتظهر له بدورها محبتها له وتعلقها به. أننا بقدر ما يسمو إدراكنا لمحبة المسيح وشبعنا به بقدر ما تضطرم المحبة في قلوبنا له. 


* * * 


هذا تفسير أخر 

و لكننا نميل للتفسير السابق و الذي وضحنا فيه لماذا ليست هي الكنيسة المقصود بها "أمي"


حتى أدخلته بيت أمي = 

إن قلنا ان هذه الآية تخص النفس البشرية و إنها هي العروس ، إذا بيت أمها هي الكنيسة فلا توجد علاقة شرعية مع المسيح خارج الكنيسة. فنحن نولد في الكنيسة . وفيها نأخذ الحل من خطايانا والشفاء من أمراضنا ونتغذى على جسد المسيح لنثبت فيه. 


حبلت بي 

المعمودية هي البطن التي نولد منها. 






5 أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقل، ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء


ملحوظة : لقد تكررت هذه الأية ثلاث مرات تقريبا في سفر نشيد الانشاد :


 سفر نشيد الأنشاد ٢ / ٧

أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ الْحُقُولِ، أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.


 سفر نشيد الأنشاد ٣ / ٥

أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ الْحَقْلِ، أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.


 سفر نشيد الأنشاد ٨ / ٤

أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.


* * *


ننقل هنا نفس الشرح الذي سبق و كتبنا عن نفس تلك الآية في الفصل / الإصحاح الثاني (سفر نشيد الأنشاد ٢ / ٧) :


ما أسعد العروس بهذه العلاقة المقدسة التي صارت لها مع عريسها المحب ، فهوذا الروح القدس قد رسم أمامنا عروس الملك في ملء فرحها االذي سببه محبته الشديدة لها و الغير متغيرة ، وها هي تجد راحتها في حضنه ، وسعادتها في شخصه ،  فالكل إذا في المسيح ، و المسيح هو الكل و في الكل ، ولا شيء سوى المسيح، لذا تبدي العروس رغبتها في ان لا تزعجه .


الظباء وأيائل الحقول = 

الظباء والأيائل هي أكثر جميع الحيوانات حساسية وأكثرها انـزعاجا من أقل حركة تشعر بها، وهي تتميز بقدرة على السمع قوية بحيث ان همسة صوت خفيفة من بعيد تزعجها وتقطع عليها سكينتها فتبادر إلى الهرب وتركض مسرعة إلى حيث الأمن والسلامة. هكذا جدير بنا وجميل ان يكون لنا الإحساس الروحي الدقيق فنتنبه إلى أية همسة تقتحم علينا سيرنا وشركتنا مع الرب، أو تحولنا عن القداسة العملية والتكريس الكامل لسيدنا وربنا يسوع المسيح "اصحوا واسهروا" ( رسالة بطرس الرسول الأولى ٥ / ٨).


* * * 


لا تيقظن ولا تنبهن الحبيب = 

ما الذي يزعج عريسنا يسوع المسيح ؟ انها خطايانا وضعف إيماننا وعدم ثقتنا فيه وإضطرابنا لأي خبر مزعج، والخوف الذي يتسلل إلى قلوبنا أمام المشاكل حينما لا نجد لها حلولا ونتصور أن الله تأخر في حلها، بينما هو يعرف ويحدد الوقت المناسب للحل.


* * *


في الإشارة إلى "الظباء وأيائل الحقول" معاني روحية سامية، فالعروس تحلف بنات أورشليم بالظباء والأيائل أي بكل ما هو عزيز وغال عندهن ان لا يزعجن عريسها و حبيبها بعمل الخطايا ، فالخطايا هي التي تزعج و تفزع عريسها.


و علي الرغم من ان العروس هنا تحذر ابناء و بنات الكنيسة  (و قد يكون المقصود بهم هنا بنات اورشليم) الأ يزعجن عريسها (يسوع المسيح) بعمل الخطايا لكنها تيقن جيدا ان الشيطان قد يخدع الجميع محاولا إظهار نفسه بأنه عدو قوى، و لكن عريسها اقوي ، فهو قد غلب الشيطان ، و هي تثق في قوة عريسها (يسوع المسيح) القادر أن يرى الشيطان (عدو الكنيسة و عدو ابنائها) من بعيد ويسحقه. (هذه مواصفات العريس وراجع تفسير الآية 9 من نفس هذا الإصحاح :  حبيبي هو شبيه بالظبي أو بغفر الأيائل. هوذا واقف وراء حائطنا، يتطلع من الكوى، يوصوص من الشبابيك).


* * *


بالتأكيد، هذه العبارة لا يمكن أن تنطبق على الحب الجسداني، إذ كيف تطلب الحبيبة من صديقاتها ألا ييقظن الحبيب؟! وهل هذا هو عملهن؟! لكنها صورة رائعة للكنيسة الأم التي تطلب من أبنائها  أن يبقين في احضان الله ، ولا يزعجن الرب المستريح في قلوبهم بارتكابهن شرًا أو خطية! أنه صوت الكنيسة الأم تجاه كل نفس مؤمنة تتطلع إلى أورشليم السمائية كأم لها، تحلفها بقوى حقلها الداخلي الذي باركه الرب! (تكوين ٢٧ / ٢٧)، إذ هي فلاحة الرب  أن تبقى محتضنة الحب الإلهي الساكن فيها.


و هنا نسمع  صوت الكنيسة عروس المسيح و هي تدعو أولادها إلي التوبة و ألا يزعجن المسيح ليظل مستريحا في قلوبهم. 

هذه دعوة الكنيسة "لا تحزنوا الروح" . 

هذا صوت الكنيسة عروس المسيح أو النفس التي تحيا في فرح مع المسيح، وتشتهى أن يعرف الجميع المسيح العريس حقا، ويحبونه ويملكونه على قلوبهم، فتكمل فرحة العريس المسيح  لأنه بذلك لن يهلك أحد ممن دفع  يسوع المسيح دمه ثمنا ليخلصه.


العروس في فرحتها بعريسها تشتهى أن ترى عريسها فرحا. فكما يريد العريس أن يرى عروسه فرحة ويسعى لكي يفرحها، هي أيضًا تريد أن تراه فرحا. وهنا تريد العروس الكنيسة أن يفرح عريسها بكنيسته التي تحبه بالحق وتفهم ما بذله لأجلها .


ونلاحظ أن تعزية النفس وفرحها هو إنعكاس لفرح المسيح العريس بالنفس عروسه. فحين يفرح الله بالنفس ينعكس فرحه عليها فتفرح. والله يفرحه أن يرى أولاده في فرح، فالله خلقنا لنفرح (جنة عدْنْ تعنى الفرح).


ونلاحظ أنه في البدء خلق الله آدم في جنة الفرح (عَدْنْ كلمة عبرية وتعنى فرح). فكان آدم يحيا في فرح وذلك حين كانت المحبة متبادلة - أي عندما كان آدم يحب الله و كان الله يحب آدم .

 وكما أن المحبة كانت متبادلة فهكذا كان الفرح متبادل ايضا بين الله وآدم. الله يفرح بفرح آدم وآدم يفرح بفرح الله. 

 أن المحبة الحقيقية تتضح في أن فرحة المحب هي في أن يرى الفرح في عيني من يحبه. والعكس ،  فما يضايق المحب ويزعجه هو أن يرى من يحبه في حالة ضيق، ولذلك يقول الكتاب عن الله المحب للبشر "في كل ضيقهم تضايق" .


* * * 


ولعله أيضًا هنا صوت الكنيسة الموجه إلى جماعة اليهود "بنات أورشليم" التي رأت المسيا نائمًا على الصليب، مدفونًا في القبر و انكرت الايمان به ، إنه وإن ظهر كما في ضعف لكنه قام في اليوم الثالث. لقد نام على الصليب بإرادته، وقام أيضًا بإرادته، إذ يقول:

"ليّ سلطان أن أضعها وليّ سلطان أن آخذها"، لكن بكل أسف رفض اليهود قبول السيد المسيح المصلوب منتظرين مسيحًا حسب أهواء قلوبهم.


* * * 


وهذه الآية - كما قلنا سابقا - لا يمكن فهمها حرفياً، أي بين عروس وعريسها من أهل العالم، فهل عمل بنات أورشليم أي صاحبات العروس أن يدخلن للعريس ليوقظوه، وهل العروس هي التي تطلب هذا. وأحيانا تطلب ألاّ يوقظوه كما هو الحال هنا.





6 من هذه الطالعة من البرية كأعمدة من دخان، معطرة بالمر واللبان وبكل أذرة التاجر




(ملحوظة : نسخ الكتاب المقدس التي كتبت فوق الايات من هو المتكلم وضحت ان المتكلم هنا في :  الاصحاح الثالث من سفر نشيد الانشاد ، عدد ٦ الي ١١ ، هم الاصدقاء ... لذا قد يختلف الشرح ، ندعوك للبحث)





 من المتكلم في هذه الآية ؟

+ أما العريس نفسه الذي يسندها ويشجعها، مؤكدا لها انه يراها طالعة..

+ وأما السمائيين الذين تطلعوا إلى البشر الترابيين وقد أنفتح أمامهم باب الفردوس..

+ وأما بنات أورشليم اللائي كن قبلا يعيرن كنيسة الأمم بسوادها بسبب عدم انتسابها للآباء والأنبياء لأنها من الأمم، لكنها تظهر الآن خلال اتحادها بالمسيا المخلص جميلة وبهية تصعد من مجد إلى مجد.


من هذه الطالعة من البرية = 

لعل هذه الكلمات "مَنْ هَذِهِ الصَّاعِدَةُ ...؟" تصدر عن العريس نفسه الذي يسند عروسه ويشجعها مؤكدًا لها أنه يراها صاعدة إلى السموات بالرغم وجودها الآن على الأرض، إنها وهي بعد في الجسد صارت كالدخان الحامل رائحة الصلاة الذكية، فيه نسمات العريس نفسه. 


ولعل تلك الكلمات كلمات السمائيين الذين تطلعوا إلى البشريين الترابيين وقد أنفتح أمامهم باب الفردوس وانطلقوا بالسيد المسيح الساكن فيهم مرتفعين من يوم إلى يوم نحو السمويات 


ولعلها أيضًا كلمات بنات أورشليم هؤلاء اللواتي كن قبلًا يعيرون الكنيسة بسوادها كما سبق إذ هي من الأمم، لكنها تظهر الآن خلال اتحادها بالمسيا المخلص جميلة وبهية، تصعد من مجد إلى مجد.!


في القديم تاه شعب إسرائيل أربعين عامًا في البرية، تعرضوا فيها للدغات الحيات القاتلة بسبب عصيانهم وتذمرهم، وارتبط الأمم ببرية العالم وتدنسوا بالشرور... أما الآن فقد اتحد المؤمنون بالمسيا الذي وحده يقدر أن يخرج بالإنسان من برية هذا العالم إلى حرية الملكوت السماوي، وكما يقول الرب نفسه: "ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يوحنا ٣ / ١٣). 


الآن و قد اتحد المؤمنون بيسوع المسيح الذي يخرج بالنفس من برية العالم إلى حرية مجد أولاد الله.. يقول ذهبى الفم "نحن الذين كنا قبلا" غير مستحقين للمجد الأرض، نصعد الآن إلى ملكوت السموات، وندخل السموات. ونأخذ مكاننا أمام العرش الإلهي".


إن هذه الطالعة من البرية رمز للنفس البشرية الطالعة من برية العالم.. والبرية ليست غريبة على شعب الله فقد تاه فيها قديما مدة 40 عاما – تمتعوا فيها بمحبة الله وعنايته، ولكنهم في نفس الوقت تدربوا. فقد تعرضوا للدغات الحيات القاتلة بسبب عصيانهم وتذمرهم..


البرية = 

البرية تشير لهذا العالم. وهناك من يصعد من البرية فيحيا في السماويات مثل هذه العروس وهناك من يشتهي حياة الخطية السابقة فيموت في البرية ولا يطلع منها بسبب عصيانه وتذمره. 

ولكن هذه النفس داست العالم بأرجلها محتقرة إياه. وفي طلوعها لم تكن ضعيفة بل كأعمدة من دخان . 


كأعمدة من دخان = 

الدخان يشير لنار الروح القدس. 


حينما كان الله يحل بمجده. فوق جبل سيناء، كان الجبل يدخن (خروج ١٩ / ١٨) .. وحينما كان يحل بمجده في خيمة الاجتماع والهيكل كان البيت يمتلئ من الدخان.. هذا ما رآه إشعياء. ففي الرؤيا التي أعلنت له، ورأى فيها السيد الرب جالسا على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل يحيط به السيرافيم "اهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخان" (اشعياء ٦ / ٤) .. وهذا هو نفس ما رآه يوحنا في السماء، إذ يقول (وامتلأ الهيكل دخانا من مجد الله ومن قدرته" (رؤيا ١٥ / ٨ ).


إذًا "الدخان دليل المجد والقوة، وكان يشير إلى حضرة الرب لتقديس شعبه كقول النبي إشعياء: "إِذَا غَسَلَ السَّيِّدُ قَذَرَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ وَنَقَّى دَمَ أُورُشَلِيمَ مِنْ وَسَطِهَا بِرُوحِ الْقَضَاءِ وَبِرُوحِ الإِحْرَاقِ، يَخْلُقُ الرَّبُّ عَلَى كُلِّ مَكَانٍ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَعَلَى مَحْفَلِهَا سَحَابَةً نَهَارًا وَدُخَانًا وَلَمَعَانَ نَارٍ مُلْتَهِبَةٍ لَيْلًا" (إشعياء ٤ / ٤ - ٥) ، أما الآن وقد تقدست الكنيسة في دم المسيح واغتلست في مياه المعمودية ألهبها نار الروح القدس فصارت دخانًا مقدسًا يرتفع إلى حيث المسيح جالس.


والعروس هنا في شكل عمود من دخان – والعمود يعبر عن الثبات والرسوخ "من يغلب فسأجعله عمودا" في هيكل إلهي ولا يعود يخرج إلى خارج" (رؤيا ٣ / ١٢ ) .. 


والدخان شيء يحدث وينبعث نتيجة للنار – وهو يشير إلى قوة الروح القدس التي تمد العروس وتكسبها قوة جديدة.. الدخان في حد ذاته شيء يسهل تفريقه، لكننا نجده في شكل عمود وهذا يشير إلى حالة من الثبات، وقد أعطيت لها بواسطة امتلائها بقوة الروح القدس. 

إذا ، في طلوعها لم تكن العروس ضعيفة بل كانت كأعمدة من دخان = 

داخلها نار تلتهب بروح الإحراق (إشعياء ٤ / ٤ - ٥)  تحرق خطاياها داخلها فيخرج دخان، والنار هي نار الروح القدس.  الروح أشعل الحب في هذه النفس فصارت صلواتها وتسابيحها طالعة كالبخور، وحينما قدمت نفسها ذبيحة حيَّة وأطاعت وصايا عريسها، صار دخان حريق شهواتها وخطاياها يلذذ الرب ويتنسم بهذا رائحة الرضا (تكوين ٨ / ٢١)  ولاحظ أنهم كانوا يحرقون الدخان المعطر والبخور أمام مواكب الملوك وهي قد ملكت المسيح على قلبها. 


* * * 


علي أية الحالات لم تكن العروس كأعمدة من دخان من النوع الذي يخنق ويرمز لعلامة غضب الله والشر، لكن العروس كانت كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان.


* * *


كما يشير الدخان إلى حياة الصلاة كقول يوحنا الرائي (فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله) (رؤيا  ٨ / ٤).


معطرة بالمر واللبان وبكل أذرة التاجر = 

المر = 

 يرمز إلى أن هذه العروس قد دفنت مع المسيح الذي كُفن بالمر والطيب..

فهي لابد لها أن تدفن معه حتى تقدر أن تقوم معه (فدفنا معه بالمعمودية للموت, حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب, هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة) (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية ٦ / ٤).

ندفن في المعمودية فيموت إنساننا العتيق, وتولد ميلادًا جديدًا روحيا حتى نقدر بالروح القدس أن نرتفع إلى أبينا السماوي.


إحتملت النفس الصلب والألم مع المسيح  (= طعم المر الغير محتمل)، فأصبحت رائحة المسيح الزكية  (= رائحة المر من العطور). وتنسمها المسيح رائحة طيبة فرح بها. والمر كان من ضمن أكفان المسيح، فهذه النفس قبلت أن تصلب مع المسيح وتدفن معه لتقوم معه.


واللبان = 

رمز للصلاة.. وهو أيضا رمز لشفاعة المسيح الكفارية التي قدمها كرئيس كهنة. 

هنا اشارة لصلواتها. رائحة بخور صلواتها تصعد نحو الرب . وهذا يشير للصلاة الصاعدة إلى فوق ،  أي الصلاة المقبولة. 

أما صلاة الشرير والخاطئ الذي بلا توبة، أو عديم المحبة الذي لا يريد أن يغفر فمكرهة للرب، وهذه لها رائحة غير مقبولة وهي لا تصعد إلى فوق كالبخور أي لا يقبلها الله.


أذرة التاجر= 

(المساحيق), وهي أدوات الزينة / التجميل التي تشتريها النفس من المسيح نفسه (التاجر) الذي وحده يقدر أن يزين النفس ويجملها كعروس له. 

هكذا تحتاج النفس أن تتعطر بالمعمودية وتستند على الروح القدس، تعيش حياتها صلاة دائمة، وترتمي في أحضان عريسها لكي يزينها... بهذا تستحق أن تُمنح كعروس مزينة لرجلها (رؤيا يوحنا ٢١ / ٢).


انها الفضائل التي تحلَّت بها النفس التي تعلمت الصلاة وقبلت صليب المسيح. وأذرة التاجر هي كل الأصناف المعطرة من عند العطار إشارة لتنوع الفضائل (محبة، وداعة، تواضع، تسليم..). 






شرح الآيات ٧ + و ٨ + و ٩ + و ١٠ معا :


7 هوذا تخت سليمان حوله ستون جبارا من جبابرة إسرائيل

8 كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل

9 الملك سليمان عمل لنفسه تختا من خشب لبنان

10 عمل أعمدته فضة، وروافده ذهبا، ومقعده أرجوانا، ووسطه مرصوفا محبة من بنات أورشليم


ان كنا لا نعلم من هو الناطق بكلمات الآيات ٧ + و ٨ + و ٩ + و ١٠ في هذا الفصل / الإصحاح الثالث من سفر نشيد الأنشاد ، سنحصر تأملنا لا في المتكلم نفسه بل فيما تكلم به .


تخت سليمان

تخت أي محفة تُحمل وفراش (سرير). هذا عبارة عن هودج فلم يكن مركبة تسير على عجلات بل كان يحمل على الأكتاف . 


رأينا يسوع المسيح في قيادته لشعبه على الأرض وهم حوله كجبابرة والآن نرى الموكب الأبدي. فالحرب والصليب هنا على الأرض، وكل هذا سينتهي بمجيء المسيح ليملك علينا في مجد أبدي. الملك سليمان = هو المسيح ملك السلام عمل لنفسه تختاً = هنا كلمة تخت مترجمة CHARIOT أي مركبة ملوكية، أي محفة محمولة على الأكتاف. فهو غلب بصليبه وسيغلب فينا. وهو الآن يملك علينا. ولكننا في السماء سنراه على عرشه وكما كان اللاويون يحملون تابوت العهد قديماً على أكتافهم. هكذا نحن نحمله ملكاً على قلوبنا. بل الكنيسة كلها تُمَلِّكَه عليها بحب فهو أحبها أولًاً ولأن الحديث هنا هو على الموكب الأبدي، كانت الإشارة إلى الأرز فقط دون ذكر السرو كما في نشيد الانشاد ١ / ١٧ .  فالسرو كان يتحدث عن الكنيسة المجاهدة على الأرض.



تخت سليمان هو الكنيسة التي يحل الرب داخلها ويملك عليها إلى الأبد..

ان هذا التخت من صنعه هو "الملك عمل لنفسه تختا"  فان ربنا يسوع المسيح -  بصليبه -  حقق سلامًا للكنيسة إذ به تصالحت السماء مع الأرض، وأعطى الغلبة والنصرة للكنيسة على قوات الشر الروحية.

 إن صليب الرب وقيامته هما سرّ وليمة العرس، إذ يتقدم العريس القائم من الأموات ويقيم عروسه التي دخلت معه دائرة آلامه وصلبه، يسكن في قلبها فترتفع به صاعدة إلى السماء معطرة ومزينة بكل جمال روحي . لقد عمل يسوع المسيح بنفسه ما فيه سعادة وهناء شعبه، فهو "صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا" ، أنه لم يترك لنا ما نعمله سوى ان نقبل ما عمله لأجلنا ونتمتع به وبثماره المباركة وان نتعبد له ونشكره على عمله لأجلنا فوق الصليب وما يعمله الآن وباستمرار لمعونتنا في الطريق وما سيعمله عند مجيئه إذ يأخذنا إليه لنكون كل حين معه في بيت الآب.


+ هذا الموكب يظهر العريس وحوله ستون جبارًا كلهم رجال حرب, حاملين سيوفهم علي فخذهم, يجاهدون وسط أهوال ليل هذه الحياة.. انه الموكب الذي تعيشه الكنيسة المجاهدة حول المسيح عريسها.. وكأن المسيح نائم وسط سفينة حياتنا (متي ٨ / ٢٤ + مرقس ٤ / ٣٨). فلا خوف علينا مهما بلغت الاضطرابات شدة في بحر هذا العالم.


ان الستين جبارا من جبابرة إسرائيل يرمزون إلى أبناء الملكوت إسرائيل الجديد الروحي, المختارون الذين قبلوا الصليب ودخلوا مع الله في عهد جديد.. هؤلاء جاءوا إلى الوليمة في حب متسلحين بسيف الروح لابسين خوذة الخلاص ودرع البر مجاهدين حتى الدم ضد الخطية (أخيرا يا أخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس. فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم علي ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات. من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل.. ممنطقين أحقاءكم بالحق، ولابسين درع البر, وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله) (أفسس ٦ /  ١٠ - ١٧).

والستون جبار حول التخت يشير إلى أنه حول الصليب تجتمع كل الكنيسة المجاهدة كرجال حرب حتى كما غلب ذاك يغلبون هم أيضا به ومعه.. كل مؤمن يحمل علي فخذه سيفه الذي هو كلمة الله (وهم غلبوه بدم الخروف (أي الصليب) وبكلمة شهادتهم (كلمة الله) ولم يحبوا حياتهم حتى الموت) (رؤيا ١٢ / ١١).


+ الستون جبارًا الذين حول التخت هو إذا إشارة إلي كل المؤمنين الذين عليهم حماية الإيمان والكنيسة باستعداد روحي.

ان الرب يعرف الأمناء المخلصين له والمتعلقين به والملتصقين به. يعرف عددهم ويعرف كل واحد منهم، وأسماؤهم مسجلة في سفر تذكرته وسيأتي سريعا وأجرته معه ليجازي كل واحد كما يكون عمله "إذا يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين ان تعبكم ليس باطلا في الرب" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس ١٥ / ٥٨).


+ التخت مصنوع من خشب لبنان أي أرز لبنان.. إن الخشب في الكتاب المقدس يشير إلى طبيعة الرب البشرية. إنه مثل الأرز فارع عظيم جليل, يسمو في بره فوق كل البشر.



لبنان قد اشتهرت بأرزها المعروف باستقامته ورائحته الطيبة، و الأرز رمز عدم الفساد 

 و كنيسة المسيح  التي بناها هو، عاشت في غربتها كأرز لبنان باستقامته ورائحته الطيبة، لا تعرج بين الطريقين: الله والعالم، انها تحمل فقط  رائحة المسيح عريسها ، لا يعتريها فساد و بالقيامة  هي رمز سموها و رفعتها . الأرز الذي لا يُسَوِّس ويُعَمِّر طويلاً وينمو على جبال لبنان العالية إنما هو إشارة للسماويات التي تحيا فيها الكنيسة ومسيحها في وسطها. وهذا يشير لأن ملك الله عليها لا ينتهي . والأرز مستقيم ورائحته طيبة، وكنيسة المسيح تحمل رائحة مسيحها الزكية.



+ أعمدته من فضه والفضة ترمز للفداء- لذا فهذه الأعمدة الفضية تشير بوضوح إلى فدائه. أنها تشير إلى المسيح الذي تجسد ليصنع الفداء بدم نفسه. ومن الناحية العلمية تكشف عن عمل الصليب في حياة المؤمن.



+ روافد التخت أي قاعدته وأرضيته من ذهب. والذهب يرمز للطبيعة الإلهية. الذهب يشير للسماويات فشعب الكنيسة صار سماويا.  ومعني هذا أن الامر مؤسس علي صفات إلهية وطبيعة إلهية. لقد صرنا شركاء الطبيعة الإلهية بالمعمودية التي بها ولدنا ولادة ثانية من الماء والروح.



+ ومقعده أرجوانًا - والأرجوان رمز للملوكية. إن هذا يكشف عن الحقيقة أن الرب ملك- ولكنه ملَك علي خشبة (الصليب).


الأرجوان :

شجر من الفصيلة القرنية له زهر شديد الحُمرة حَسَن المنظَر وليست له رائحة.

والأرجوان هو رمز لأمجاد عمانوئيل الذي جمع بين جلال ملكه على الأرض كابن داود ومجده السماوي باعتباره "الرب من السماء"  ،  فان قصد الله هو ان "يجمع كل شيء في المسيح ما في السموات وما على الأرض" (أفسس ١ / ١٠) ولا بد ان يأتي بمجده كملكي صادق الملك والكاهن معا.


وان كان أعداؤه في عدم إيمانهم استهزءوا به "وألبسوه أرجوانا" (مرقس ١٥ / ١٧ ) إلا ان عين الإيمان تستطيع ان تراه الآن مكللا بالمجد والكرامة.



+ ووسطه مرصوفا محبة من بنات أورشليم- وهذا يشير إلى محبة كل القديسين له.


و وسطه مرصوفاً محبة = 

فالله سيملك بالمحبة، ملكه داخلنا بسبب فدائه "نحن نحبه لأنه أحبنا أولًاً"، وهو أسس فينا ملكاً سماوياً، ويملك بالحب وليس بالقهر= مرصوفاً محبة.


ووسطه مرصوفا محبة من بنات أورشليم =

ان كان لخشب لبنان والأعمدة الفضية والروافد الذهبية والمقعد الأرجواني قيمتها الغالية في تخت سليمان إلا ان المحبة هي أسمى وأجمل ما يزين ذلك التخت "وأعظمهن المحبة" وان ربنا له المجد يقدر كل التقدير ويجد سروره وشبعه في محبة خاصته المتعلقين به والملتفين حوله، كما ان بنات أورشليم يجدن   سرورهن في سكب عواطف محبتهن للعريس المبارك، و قد تكون افضلهن مثل العذارى اللاتي تكلم عنهم يسوع و خرجن لمقابلة العريس (إنجيل متى ٢٥ / ٤)  ، فهؤلاء هن اللواتي أحببن العريس وتكرست قلوبهم له وملكوه على قلوبهم. والروح القدس هو الذي يسكب في العذارى محبة الله فيكرسن قلوبهن للعريس وحده ( رومية ٥ / ٥) ، فتُمَلِّك النفس المسيح العريس على قلبها محبة فيه. 


يبدو أن - نشيد الانشاد - يعتبر أن بنات أورشليم هؤلاء من العذاري  الحكيمات المملوئين بالروح، و ما يجعلنا نقول ذلك هو ان نشيد الانشاد يذكر كلمة - "محبة " - محبة من بنات أورشليم ، و ذكر كلمة "محبة " هنا يعني انهن من العذاري الحكيمات اللاتي  تتبعن تعاليم يسوع المسيح ولسن كالجاهلات اللاتي تركن آنيتهن فارغة تمامًا. إن العذاري الحكيمات هن من امتلئت قلوبهن بالمحبة و كرسن تلك القلوب ليسوع المسيح ، هن  الذين يقولون للعريس "أنا لحبيبى وحبيبى لي". و قد عرفنا يسوع المسيح الفرق بين العذاري الحكيمات و الغير حكيمات حيث عرفنا إن من العذارى من هن  حكيمات و ملئن مصابيحهن زيتا (بجهادهن إمتلأن بالروح فملأهن الروح محبة) وهناك عذاري جاهلات كانت آنيتهن فارغة (أطفأوا الروح بعدم الجهاد) .


ولنلاحظ أن هناك ارتباط قوى بين المحبة والإيمان. فمن تكون محبته قليلة يكون إيمانه قليلا، فمن ثمار الروح محبة وإيمان (غلاطية ٥ / ٢٢)  ومن تزداد محبته يزداد إيمانه ، فكلاهما من ثمار الروح. 


+ كان التخت بأعمدته وأرضيته ومقعده ووسطه المرصوف بالمحبة هو مركبة سليمانالخاصة لكنه أيضا وسيلة انتقال عروسه. ولم تكن المركبة ملكا لها فقط, لكنها كانت التي يركب فيها الملك نفسه.. هذه المركبة تكشف عن المجد الذي صارت فيه بنعمته.






11 اخرجن يا بنات صهيون، وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه، وفي يوم فرح قلبه




(ملحوظة : نسخ الكتاب المقدس التي كتبت فوق الايات من هو المتكلم وضحت ان المتكلم هنا في :  الاصحاح الثالث من سفر نشيد الانشاد ، عدد ٦ الي ١١ ، هم الاصدقاء ... لذا قد يختلف الشرح ، ندعوك للبحث)





العروس الكنيسة توجه رسالة لبنات صهيون ليفهموا أن دم المسيح كان ثمنا إشتراهم به فصاروا مِلكه ، فعليهم أن يضبطوا أفكارهم وأقوالهم ونظراتهم وحركاتهم بحسب ما يرضى سيدهم الذي دفع فيهم هذا الثمن الغالى.


هذه دعوة الكنيسة لشعبها وللعالم كله ليتأمل في ذبيحة الصليب وإكليل الشوك فيقبل أن يملك المسيح عليه. وهي دعوة لليهود خاصة  ليؤمنوا بمن صلبوه، ويروا ما عملوه به نتيجة أحقادهم. وماذا قدم الشعب اليهودي للمسيح = التاج الذي توجته به أمه = أمه هنا هي الشعب اليهودي الذي كلل رأس المسيح بإكليل شوك يوم عرسه على كنيسته فهو إشتراها ودفع دمه على الصليب مهراً لها. ويوم عرسه كان هو يوم الصليب. يوم فرح قلبه = بأنه أكمل لها كل بر وقدم لها كل طرق الخلاص.










تم عمل هذا الموقع بواسطة