تفسير نشيد الانشاد - الكتاب المقدس - العهد القديم -  سفر نشيد الأنشاد -  الفصل / الإصحاح السادس (٦)


اقرأ النص اولا - ثم يليه الشرح 




 النص


الكتاب المقدس - العهد القديم
سفر نشيد الأنشاد

الفصل / الإصحاح السادس

 

1 أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة بين النساء ؟ أين توجه حبيبك فنطلبه معك

2 حبيبي نزل إلى جنته، إلى خمائل الطيب، ليرعى في الجنات، ويجمع السوسن

3 أنا لحبيبي وحبيبي لي. الراعي بين السوسن

4 أنت جميلة يا حبيبتي كترصة، حسنة كأورشليم، مرهبة كجيش بألوية

5 حولي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني. شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد

6 أسنانك كقطيع نعاج صادرة من الغسل، اللواتي كل واحدة متئم وليس فيها عقيم

7 كفلقة رمانة خدك تحت نقابك

8 هن ستون ملكة وثمانون سرية وعذارى بلا عدد

9 واحدة هي حمامتي كاملتي. الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي. رأتها البنات فطوبنها. الملكات والسراري فمدحنها

10 من هي المشرفة مثل الصباح ، جميلة كالقمر، طاهرة كالشمس، مرهبة كجيش بألوية

11 نزلت إلى جنة الجوز لأنظر إلى خضر الوادي، ولأنظر: هل أقعل الكرم ؟ هل نور الرمان

12 فلم أشعر إلا وقد جعلتني نفسي بين مركبات قوم شريف

13 ارجعي، ارجعي يا شولميث . ارجعي، ارجعي فننظر إليك. ماذا ترون في شولميث، مثل رقص صفين





الشرح


يعتبر اليهود نشيد الانشاد (أو قدس الاقداس) نشيد رمزي يعكس علاقة الحب المتبادل بين الله و شعبه إسرائيل ، 

تسلمت الكنيسة المسيحية من يدي الكنيسة اليهودية هذا السفر ضمن أسفار العهد القديم، وقد احتل هذا السفر مركزًا خاصًا بين الأسفار لما يحمله من أسلوب رمزي يعلن عن الحب المتبادل بين الله وشعبه ((المسيح  (العريس) و الكنيسة ("عروسه")) ، أو بين الله والنفس البشرية.





في هذا الفصل / الإصحاح السادس :

+  الآية ١ : الغير مؤمنين أو صديقات العروس هم المتكلمين هنا غالبا ... 

(و هم يسألون العروس عن حبيبها )


+ الآيات ٢ و ٣ : العروس هي المتكلمة  ...

(و هي تتحدث عن عريسها و عن علاقتهما و شعورها نحوه)


+ الآيات من ٤ إلي ١٣ : العريس هو المتكلم ... 

(و هو يتحدث عن عروسه و يغازلها و يصفها بأحلي كلمات الغزل )




(ملحوظة ١ : نسخ الكتاب المقدس التي كتبت فوق الايات من هو المتكلم وضحت ان المتكلم هنا في :  الاصحاح السادس من سفر نشيد الانشاد ، عدد ١٠ ، هم الاصدقاء و ليس العريس ... لذا قد يختلف الشرح ، ندعوك للبحث)







(ملحوظة ٢ : نسخ الكتاب المقدس التي كتبت فوق الايات من هو المتكلم وضحت ان المتكلم هنا في : هذا الجزء من عدد ١٣  من  الاصحاح السادس من سفر نشيد الانشاد ،   -- " ارجعي، ارجعي يا شولميث . ارجعي، ارجعي فننظر إليك. " -- ، هم الاصدقاء و ليس العريس ... لذا قد يختلف الشرح ، ندعوك للبحث)









1 أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة بين النساء ؟ أين توجه حبيبك فنطلبه معك


إذ شهدت النفس لعريسها بدأ غير المؤمنين يتساءلون عنه ويطلبونه معها. أيتها الجميلة لقد ظهر عليها جمال عريسها. وهو جمال من نوع عجيب، فهم لم يطلبوها هي بل طلبوا عريسها وهم أدركوا أنهم سيعرفونه من خلالها لذلك يسألونها، ونحن نعرف المسيح خلال الكنيسة. وهذه هي الكرازة المطلوبة من الكنيسة أن يرى الناس فينا صورة المسيح فيطلبونه.  


* * * 


"أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة بين النساء أين توجه حبيبك فنطلبه منك"

لقد طلبت العروس قبلا من بنات أورشليم ان يساعدتها في البحث عن حبيبها (نشيد الانشاد ٥ / ٨) أما وقد بدأت تتحدث إليهن عنه وعن صفاته الفريدة وأمجاده الفائقة فقد امتلأ قلبها به ، بالعريس الحبيب حتى ان ذلك أيقظ بنات أورشليم فسألتها "أين ذهب حبيبك. . . أين توجه حبيبك فنطلبه معك؟" كم هو جميل ان يمتلئ القلب بالمسيح ، ان نتحدث عنه وعن محبته ونعمته إلى الآخرين! إذ متى كانت شهادتنا للرب حية وقوية فأنها لا بد ان تؤثر في الآخرين وتقودهم إليه "فنطلبه معك". وما أبرك النتائج التي نحصل عليه لأنفسنا نحن أيضا، إذ ليس شيء يمكن ان يرفع نفوسنا من الحضيض ويخلصنا من الجفاف الروحي سوى مشغولية قلوبنا بالمسيح وامتلائها به وحديثنا عنه للآخرين.


أيتها الجميلة بين النساء =

لم يكن هذا الجمال طبيعيا فيها ولكن إذ امتلأ قلبها بالمسيح ووجدت بهجتها في التحدث عنه أشرق نوره وانعكس جماله عليها. لقد نظرت مجده فتغيرت إلى تلك الصورة عينيها. ليت هذا يكون اختبار ونصيب كل مؤمن حقيقي .


فنطلبه معك = 

ان هذا ما سيتحقق عمليا مع البقية التقية التي ستحوز في تلك الضيقة المروعة "ضيق يعقوب" فان الرب سيوقظ بروحه أسباط إسرائيل "بنات أورشليم" ومعهم كثيرون من أمم الأرض لطلب الرب إلههم والمسيا ملكهم. "هكذا قال رب الجنود سيأتي شعوب بعد وسكان مدن كثيرة. وسكان واحدة (مدينة) يسيرون إلى أخرى قائلين لنذهب ذهابا لنترضي وجه الرب ونطلب رب الجنود. أنا أيضا أذهب. فتأتي شعوب كثيرة وأمم قوية ليطلبوا رب الجنود في أورشليم وليترضوا وجه الرب" ( زكريا  ٨ / ٢ - ٢٢).





2 حبيبي نزل إلى جنته، إلى خمائل الطيب، ليرعى في الجنات، ويجمع السوسن


كان ردّ العروس "حبيبي نزل إلى جنته".. لقد عرفت تمامًا أين تجده إذ تذكرت آخر كلماته التي قالها لها قبل تلك الليلة القاتمة ، ليلة ضلالها وانحرافها عنه ،  تذكرت قوله " قد دخلت جنتي يا أختي العروس" (نشيد الانشاد  ٥ / ١).. كانت العروس هي جنته. لذا فقد تذكرت هذا الكلام وقالت " حبيبي نزل إلى جنته إلى خمائل الطيب (= الأشجار العطرية الكثيفة).


ما أعذب التأمل في عبارة "جنته".. إنها توضح قيمة النفس البشرية في نظر الله.


كأن العروس هنا تحذر من تضييع الوقت في البحث عن العريس خارجًا، فإنه باتضاعه نزل إلى كنيسته ودخل قلوب شعبه. 


هذا وفي إجابة العروس توضيح للذين في الخارج عن سرّ العلاقة بين النفس والله، فإن كان الله قد دخل إلى جنته يجمع السوسن، فهو لا يفعل ذلك كمن يستغل خليقته أو كمحب للسيطرة والأخذ، إنما دخل بناء على دعوة محبة صدرت إليه منها، إذ تقول له "أَنَا لِحَبِيبِي". وكأنها تقول: كل ما ليّ فهو لحبيبي، ليدخل إلى قلبي وليتسلم كل القلب وكل الطاقات والأحاسيس الداخلية، لأن ما أملكه إنما هو له. وما هذه الدعوة إلاَّ استجابة لعمل المحبة الذي أظهره له إذ "َحَبِيبِي لِيّ". قدم ليّ حياته... وهذا أنا أرد حبه بالحب! إنيّ أحبه بملء اختياري إذ هو أحبني بكمال حريته.


أما قولها "نَزَلَ" فيعني إعلانها حقيقة الموقف، أن نزول العريس إلى قلبها ليس عن احتياج منه ولا للإذلال بل هو تنازل منه أن يقبل دعوتي بالنزول إلى حياتي حتى يصعدني به ومعه إلى سمواته، يأخذني بكليتي كما أعطاني ذاته.


لقد نزل إلى قلبي... فماذا أطلب؟ لا يليق بيّ أن أطلب منه إلاَّ أن آخذه هو، ولا يكفيني أو يشبع نفسي إلاَّ هذا الطلب. فإنه لا مكافأة أرضية ولا عطايا أو هبات تقدر أن ترويني، لكنني أطلبه هو... "َحَبِيبِي لِيّ".


* * *


بالنسبة للكنيسة :

نزل إلى جنته = أي تواضع هذا أن ينزل العريس السماوي، هو تواضع المحبة أن ينزل ليصعدنا معه للسماء. والمسيح داخل كنيسته دائمًا وداخل كل نفس آمنت به. وما دام المسيح داخل كنيسته فمن العبث البحث عنه خارجها. والكنيسة كانت قفرًا (أو النفس) أولًا ولكن بعد أن رواها ماء الروح تحولت إلى جنة، بها خمائل طيب= لقد قيل في ( نشيد الانشاد ٥ / ١٣) أن خداه كخميلة الطيب. والآن نرى أن هذا وصف لعروسه (الكنيسة) فهي أخذت صورته وهي خميلة طيب أي مجموعات مختلفة من الأشجار، ثمارها متنوعة وكثيرة وكلها طيب. ويجمع السوسن = السوسن كان صفة للعريس فأصبح صفة العروس "يا أولادي الذين أتمخض بكم إلى أن يتصور المسيح فيكم". والمسيح أتي ليجمع أولاده في كنيسته، يجمع أولاد الله المتفرقين إلى واحد. (يوحنا ١١ / ٥٢  + يوحنا ١٧ / ٢٠ - ٢٦). فجنة المسيح هي أولاد الله الذين صارت لهم صورة المسيح، وكلهم مجتمعين في وحدة ومحبة داخل كنيسته (جنته) وهو في وسط هذه الجنة "إذا اجتمع اثنين أو ثلاثة باسمي فأنا أكون في وسطهم"


ليس بالأمر العجيب أن يحوي هذا السفر تأكيدات مستمرة لوجود العريس داخل الكنيسة، ووجوده داخل النفس التي أقتناها بدمه. فإنه يدخل إلى القلب الحجري المقفر ويجعل منه جنة له (نشيد الانشاد ٤ / ١٢ - ١٦  + ٥ / ١)،  بل جنات داخلية يرعى فيها، هناك يجمع السوسن الحامل سمات العريس نفسه والذي دُعي أيضًا بالسوسن (نشيد الانشاد ٢ / ١).





3 أنا لحبيبي وحبيبي لي. الراعي بين السوسن


تقول العروس في (نشيد الانشاد ٢ / ١٦) "حبيبي لي وأنا له".. إنه اختبار النفس التي ذاقت محبة المسيح إنها تحسّ أنه لها " حبيبي لي". أما النتيجة فهي أن تسلم نفسها له بلا تحفظ فتقول " وأنا له".


هناك تعّبر العروس عن فرحتها بامتلاكها المسيح "حبيبي لي"، أما هنا في الأصحاح السادس فتعّبر عن فرحتها بأنها هي "مِلك المسيح"، "أنا لحبيبي".


من المهم أن يشعر كل واحد أن له علاقة شخصية بالمسيح. 

والعروس هنا تعطي نفسها لحبيبها بكامل حريتها، لا تعطي له فقط ما تملكه بل تعطي نفسها له، لأنه سبق وأعطاها نفسه كما قالت النفس في بداية معرفتها بالمسيح الذي بذل نفسه لأجلها. هو عطاء كامل متبادل.





4 أنت جميلة يا حبيبتي كترصة، حسنة كأورشليم، مرهبة كجيش بألوية

إذ أعلنت العروس عن علاقة اتحادها بعريسها، وشهدت أنه بداخلها في جنته وتطلب إلى بنات أورشليم أن يكفوا عن البحث عنه في الخارج، يمتدحها العريس مستخدمًا بعض العبارات السابقة الواردة في (نشيد الانشاد ٤)، مع الكشف عن أعماق جمالها.

إن العريس يرى عروسه " جميلة كتِرصة " وكلمة ترصة في العبرية تعني " انشراح وبهجه". وهناك رأيان في كلمة "ترصة".

ترصة هذه هي أصغر بنات صلُفحاد بن حافر الخمسة (عدد ٢٦ / ٣٣). هؤلاء البنات مات أبوهن وليس لهن أخ. فوقفن أمام موسى والعازار الكاهن وأمام الرؤساء وكل جماعة إسرائيل لدى باب خيمة الاجتماع وطلبن أن يرثن أبوهن مع أخوة أبيهن. فأعطاهن الرب هذا الحق وصار ذلك فريضة قضاء (عدد ٢٧ / ١ - ١١) ونلن أيضًا نصيبهن عند تقسيم الأرض على يد يشوع بن نون (يشوع ١٧ / ٣ - ٦).. إن تشبيه العروس بترصة كأصغر البنات اللواتي طالبن بحقهن أمام موسى ويشوع، وصدور الأمر من قبل الرب أن يأخذن نصيبًا وميراث.. إن هذا يعبّر عن جمال النفس المتحدة بالمسيح – إنها دالة بغير خوف تطلب نصيبها وميراثها – وليس هذا النصيب والميراث سوى الرب نفسه " نصيبي هو الرب قالت نفسي من أجل ذلك أرجوه".

وربما قُصد بترصة المدينة الجميلة جدًا التي كانت أصلًا للكنعانيين واستولى عليها يشوع بن نون (يشوع ١٢ / ٢٤) وقدمها لأسباط بني إسرائيل. وقد صارت عاصمة لمملكة إسرائيل (العشرة أسباط) نحو خمسين سنة (سفر الملوك الأول ١٥ / ٢١ - ٣١ + ١٦ / ٦ - ٢٣) حتى بنيت مدينة السامرة. أما سر جمالها فهي أنها كانت قبلًا أممية عابدة للأوثان وانتقلت إلى ملكية الرب بواسطة يشوع الذي يرمز ليسوع!!

ويراها العريس "حسنة كأورشليم " وأورشليم مدينة الملك التي فيها الهيكل والعبادة – أي صارت تمثل الأقداس السماوية التي يسكن فيها الله.. . أي صارت الكنيسة تمثل الأقداس السماوية التي يقطن فيها الله، وعاصمة دائرة ملكوته، كل ما فيها جميل وبهي.


 مرهبة =

مرهبة أمام الأعداء، لأن الرب الغالب في وسطها يحميها، إنها كجيش سماوي يحمل ألوية (أعلام) الغلبة والنصرة، لا تعرف الهزيمة ولا اليأس بل روح الغلبة والقوة. وبحسب الترجمة اليونانية كجيش أحسن تنظيمه، إذ قائده الرب نفسه. جمالها ممتزج بالقوة، والقوة راجعة للمسيح الذي فينا، وحين يكون المسيح فينا نكون مرعبين للشياطين ولنا سلطان أن ندوسه


بمعنى آخر، المسيحي يحمل مع الجمال قوة يسوع المسيح، فهو جميل بوداعته ورقته كما هو قوي بشجاعته وحزمه. جميل بهدوئه الداخلي وجبار في جهاده ضد الخطية حتى الدم.


 مرهبة كجيش بألوية = 

قوله ألوية يدل على أنها جيش منظم فإلهنا ليس إله تشويش ، كل شئ عنده بنظام.


هذا الجمال والحسن قد امتزج بالقوة، إذ هي " مرهبة كجيش بألوية " أي جيش منظم.. مرهبة أمام الأعداء، لأن الرب الذي يغلب في وسطها يحميه (يحمي جيشه) .. إنها كجيش سماوي يحمل ألوية (أعلام) الغلبة والنصرة. لا تعرف الهزيمة ولا اليأس، بل روح الغلبة والقوة. فالإنسان بدون المسيح لا يساوي شيء لكن مع الله فهو يرهب الشياطين. والشياطين تفزع منه..





5 حولي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني. شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد


ما معنى العينين؟ 

الدموع والحب.

 

لقد غُلبت مراحم الله بدموع المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي- ودموع بطرس الذي خرج إلى خارج وبكى بكاء مرا!! ولعل من أعظم الأمثلة آخاب الملك الشرير الذي قال فيه الكتاب "لم يكن كآخاب الذي باع نفسه لعمل الشر في عيني الرب, الذي أغوته إيزابل امرأته, ورجس جدا بذهابه وراء الأصنام" (سفر الملوك الأول ٢١ / ٢٥ - ٢٦).. إذ سمع كلام الرب ضده بفم إيليا النبي شق ثيابه وجعل مسحا على جسده واضجع بالمسح ومشي بالسكوت. فلم يحتمل الرب هذا المنظر بل قال لإيليا "هل رأيت كيف اتضع آخاب أمامي. فمن أجل أنه قد اتضع أمامي لا أجلب الشر في أيامه" (سفر الملوك الأول ٢١ / ٢٩). 





شرح الآيات ٦ و ٧ معا ...


6 أسنانك كقطيع نعاج صادرة من الغسل، اللواتي كل واحدة متئم وليس فيها عقيم

7 كفلقة رمانة خدك تحت نقابك


" شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد. أسنانك كقطيع نعاج صادرة من الغسل اللواتي كل واحدة متئم وليس فيها عقيم, كفلقة رمانة خدك تحت نقابك" (نشيد الانشاد ٦ / ٥ - ٧)

سبق أن العريس مدح محبوبته بنفس هذه الكلمات في (نشيد الانشاد ٤ / ١ - ٣) وقد تكلمنا عن ذلك في نشيد الانشاد ٤ .. 

لكن لماذا التكرار هنا؟ إن التكرار لتأكيد حقيقة هامة أن محبة الله للإنسان تظل غير متغيرة.. فبالرغم مما اعترى الإنسان من فتور كما ورد في الأصحاح الخامس, لكن العروس إذ رجعت بدموع التوبة وجدت حبيبها على محبته, وأن عواطفه نحوها لم تتغير, في كل مرة يخطئ الإنسان يكون أول ما يختفي فيه هو يقين الإيمان وتحل الشكوك عوضا عنها من جهة علاقة هذا الإنسان بالرب. والرب قصد بكلمات المديح هذه وتأكيدها أن يزيل عنا تلك الشكوك. لعل هذا يذكرنا بالرب! الذي أظهر محبته لبطرسثلاثة مقابل إنكاره المثلث "يا سمعان بن يونا أتحبني.. ارع غنمي"!!





شرح الآيات ٨ و ٩ معا ...


8 هن ستون ملكة وثمانون سرية وعذارى بلا عدد

9 واحدة هي حمامتي كاملتي. الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي. رأتها البنات فطوبنها. الملكات والسراري فمدحنها


إنه يمدحها خلال لغة الأرقام... 

فماذا يعني بالستين ملكة؟ والثمانين سرية؟ والأبكار بلا عدد؟ وحمامته الكاملة الواحدة؟!


ربما قارنها بالخليقة السماوية المحبة له، فرأى السمائيين طغمات كثيرة شبههم بالستين ملكة والثمانين سرية والأبكار بلا عدد... هؤلاء على درجات متفاوتة من جهة القامة، أما كنيسته التي أقتناها العريس بدمه وقدسها بروحه القدوس، فقد صارت العروس الواحدة الحمامة الكاملة... هذا هو سرّ جمالها وكمالها وقوتها: لقد صارت جسد الرب الواحد، مع أنها تضم أعضاء كثيرون، إذ "يجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد" (يوحنا   ١١ / ٥٢)، يجتمعون فيه (أفسس ١ / ١٠).


أما سرّ وحدتها فلا يقوم على مجرد اجتماع الأعضاء معًا في مكان واحد، أو اتحادهم في لغة واحدة أو ثقافة واحدة... إنما يقوم على العوامل الإلهية التالية:


أ. إنها حمامته... إن كان يوجد الروح القدوس الواحد، الذي هو روح الآب والابن معًا، فقد وهب كنيسته هذا الروح الإلهي لينطلق بالمؤمنين كحمامة واحدة، تنال حياة الشركة مع الله. هذا هو عمل الروح القدس: يهب شركة للمؤمنين مع الله ومع بعضهم البعض، فإذ بواسطته نتصالح مع الآب في استحقاقات دم الابن ننال في المعمودية روح التبني الذي به نصرخ "أيها الآب أبانا" . خلال هذه المصالحة نرى أنفسنا أعضاء بعضنا البعض.


نقتبس  هنا بعض كلمات الآباء في هذا الشأن:

*    بالروح القدس، الذي يجمع شعب الله في واحد، يطرد الروح الشرير المنقسم على ذاته.

*    من اختصاص الروح القدس الشركة التي بها صرنا جسدًا واحدًا لابن الله الواحد الوحيد، إذ مكتوب "فإن كان وعظ ما في المسيح، إن كانت تسلية ما للمحبة، إن كانت شركة ما في الروح" .


 تلبس الكنيسة السيد المسيح الكامل، تصير به كاملة، فتقوم وحدتها على أساس الدخول في "الحياة الجديدة الكاملة" التي لنا في المسيح يسوع. في هذه الحياة الجديدة لا نخضع لقانون الانشقاق أو لروح العداوة بل بالحري لروح الحب واهب الوحدة الداخلية. بهذا تصير وحدتنا خلال تقديسنا بالاتحاد مع القدوس، فنمتثل بوحدة الثالوث القدوس... هذا ما يظهر بوضوح في صلاة الرب الواداعية، ليلة آلامه، إذ يقول:

"أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ، الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ.

لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا،

 كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ.

لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا...

أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ" (يوحنا ١٧).


الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي - فلماذا التكرار؟

الكنيسة جمعها المسيح في جسده من اليهود والأمم، وجعل الاثنين واحدا (أفسس ٢ / ١٤). كنيسة العهد القديم وكنيسة العهد الجديد هما زيتونة واحدة، أصل واحد . فلقد بدأ تدبير الخلاص بعزل أبونا إبراهيم ومنه جاء الشعب اليهودي الذي خرج منه المسيح والعذراء مريم والتلاميذ والرسل، فبدأت الكنيسة.


وإمتدت الكنيسة لكل العالم الأممى. وكان الأمم أغصان زيتونة برية ولكن تم تطعيمهم في الزيتونة الأم بالنعمة. ومن آمن بالمسيح من اليهود ثبت في الزيتونة الأم، ومن رفضوا تم قطع هذه الأغصان من الزيتونة (رومية ١١).


والآن نحن لا نتكلم عن يهود وأمم بل عن كنيسة واحدة وحيدة. كنيسة تكونت من اليهود ومن كل الشعوب والقبائل والأمم. صار الكل جسد المسيح. الكنيسة هي عروس المسيح المختارة المحبوبة. هي الزيتونة والكرمة والتينة الحقيقية أي الثابتة، كنيسة المسيح وهيكل جسده التي خرجت من الزيتونة الأم الوالدة أي الأمة اليهودية. هذه الأمة اليهودية، الأم للكنيسة قيل عنها "اخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به امه في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه" (نشيد الانشاد ٣ / ١١). وحينما صلبه اليهود رفضهم الله من أن يكونوا شعبه. وصارت الكنيسة هي الزيتونة الحقيقية بالأغصان التي بقيت عليها، وبالأغصان التي طعمت فيها هي العروس المختارة الجديدة = عقيلة والدتها أي مختارة والدتها = الكنيسة التي خرجت من الأمة اليهودية لتصير هي المختارة.


"الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي"

من تكون هذه الأم والوالدة التي تتطلع إلى الكنيسة كوحيدتها؟ إنها أورشليم السمائية التي تنتظر العروس الواحدة التي خطبها المسيح لتصبح شريكة في المجد الأبدي.


والبنات طوبنها = فالسمائيين فرحوا بها.

رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس ١٠ / ١٧





10 من هي المشرفة مثل الصباح ، جميلة كالقمر، طاهرة كالشمس، مرهبة كجيش بألوية




(ملحوظة ١ : نسخ الكتاب المقدس التي كتبت فوق الايات من هو المتكلم وضحت ان المتكلم هنا في :  الاصحاح السادس من سفر نشيد الانشاد ، عدد ١٠ ، هم الاصدقاء و ليس العريس ... لذا قد يختلف الشرح ، ندعوك للبحث)





مشرفة كالصباح = 

كما ينفجر نور الصباح ويظهر، هكذا ظهور نور الكنيسة عروس المسيح. 


جميلة كالقمر= 

لإنعكاس نور عريسها (شمس البر عليها). 


طاهرةٌ كالشمس = 

هو طهرها بميلاده منها واتحاده بها وكان تطهيرها بدمه، وبأن أرسل لها روحه المعزي يجددها ويثبتها في جسد المسيح. الروح القدس يجدد فينا طوال فترة حياتنا على الأرض لنكون على صورة المسيح. نحن مخلوقين على صورة الله. وفقدنا هذه الصورة بالخطية. وكان الفداء ليطهرنا ويجدد طبيعتنا لنعود ونشبه المسيح، فإن كان المسيح هو شمس البر نكون نحن كالشمس أي نشبهه.



إما بالنسبة لليهود ، فمن هي المشرقة مثل الصباح ؟ 

هي عروس المسيا  ، البقية التقيةالتي ستخرج من ظلام الليل الطويل الذي تجتازه، وو ستتركه وراءها، و تتطلع إلى النهار المبارك عندما "تشرق شمس البر"، وواضح أنه كثيرا ما يرمز في الكتاب المقدس إلى نور الأتقياء في إسرائيل ومجدهم وكرامتهم بالشمس والقمر والنجوم، وهذا ما نراه في أحد أحلام يوسف، ففي عائلة يعقوب ترى الأمة كلها ممثلة في الشمس والقمر والنجوم.



 مرهبة كجيش بألوية = 

(ارجع لشرح الآية ٤ في هذا الأصحاح / الفصل) 

لقد رأى العريس عروسه قبلا كالغالية "مرهبة كجيش بألوية" (نشيد الأنشاد ٦ / ٤)  أما الآن فليس العريس فقط هو لذي يراها في هذه الصورة ، صورة الظافرة والمنتصرة، بل الآخرين رأوها ايضا في هذه  الصورة . إنها تظهر بصورة علنية كالظافرة والمنتصرة على أعدائها "مرهبة كجيش بألوية" فلا ترى كالضعيفة المنهزمة. أنها جيش المسيح الظافر، ومتى ظهرت الكنيسة بهذه الصورة الجميلة فلن تكون "الكنيسة غير المنظورة".


صحيح أننا نتوقع رجوعا شاملا للمسيحية بأسرها من المسيحية الاسمية السائرة في طريق الارتداد ،  ولكن رجوعا فرديا، أفرادا يلبون دعوة الرب "ان سمع أحد صوتي" فيعيشون عيشة الغلبة والنصرة ويسيرون معا بحسب مبادئ الكنيسة الكتابية من حيث امتيازاتها ومسئولياتها.





شرح الآيات ١١  و ١٢ معا ...


11 نزلت إلى جنة الجوز لأنظر إلى خضر الوادي، ولأنظر: هل أقعل الكرم ؟ هل نور الرمان

12 فلم أشعر إلا وقد جعلتني نفسي بين مركبات قوم شريف


نزلت إلى جنة الجوز لأنظر إلى خضر الوادي ولأنظر هل أقعل (أزهر) الكرم = 


جنة الجوز=  (الكلمة تشير إلى جوز الهند أو البندق)

الجوز في الكتاب المقدس يشير إلى كلمة الله.. فحين صارت كلمة الرب إلى أرميا بن حلقيا الكاهن قيل له "ماذا أنت راء يا أرميا" فقال "أنا راء قضيب لوز". فقال له الرب "أحسنت الرؤية لأني أنا ساهر على كلمتي لأجريها (أرميا ١ / ١١ - ١٢).  الكتاب المقدس، هو لغير المؤمنين كثمرة الجوز لها قشر يابس من الخارج. إما للمؤمنين الذين يدخلون إلى العمق فالكتاب المقدس كَلُب الجوز الحلو المفيد. ومن يقرأ الكتاب المقدس بروح الصلاة يكتشف حلاوته. وسميت الكنيسة هنا جنة الجوز لأنها تعيش تقتات على الكتاب المقدس "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" وهذا التعبير إستخدم هنا بالذات فالعروس نزلت لتخدم فماذا تستخدم في كرازتها وخدمتها إلا كلمة الله تفسرها لمن يسمع أي تكسر ثمرة الجوز حتى تظهر حلاوتها لمن يسمع.


* * *


لقد نـزل الرب مرة من السماء إلى الأرض لعله يجد ثمرا في شعبه، ولكنهم ، بكل أسف وحزن ، رفضوه، رفضوا ملكهم الذي جاء خصيصا لأجلهم، لقد أتى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله" (يوحنا ١ / ١١) ، نعم لقد أرسل الله ابنه الوحيد الحبيب إلى كرمه ليأخذ أثماره، ولكنهم أخذوا ذلك الابن "وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه" (متي ٢١ / ٣٩) هذا ما كان من إسرائيل باعتباره كرم الرب، فجلبوا على أنفسهم قضاء مروعا، ولكن ما أعجب محبة الرب ونعمته وطول أناته، فأنه سيأتي إليهم مرة أخرى، وكم سيكون سروره عظيما إذ يجد في خاصته ، البقية التقية ، من يهوذا وكذا من الأمناء في إسرائيل ثمرا لمسرته ولشبع قلبه. أنه سينـزل إلى "جنة الجوز" وسينظر إلى "خضر الوادي" ، وادي أتضاع يهوذا وإسرائيل. فقد اجتاز إسرائيل بصفة عامة وأورشليم بصفة خاصة في أشد وأقصى الآلام المذللة، وسيأتي الرب إليهم ليرى ثمر ذلك الأتضاع، ليرى "هل أقعل الكرم هل نور الرمان".


* * * 


جنة الجوز = 

ان "جنة الجوز" التي نـزل إليها الحبيب تختلف إلى حد ما عن "الجنة المغلقة" (نشيد الانشاد ٤ / ١٢)  فالجنة المغلقة تشير إلى العروس (الكنيسة) ، بينما "جنة الجوز وخضر الوادي" تشير إلى دائرة أوسع. أنها تشير إلى رجوع كل أسباط اسرائيل فالرب يريد ان يرى ما يبشر بإتيان ثمر روحي في بقية الأسباط، فمع ان البقية "الجنة المغلقة" (الكنيسة - و التي كان قد ضل بعض اعضائها) ستكون قد رجعت إليه ولكن كأنه سينـزل ليرى هل هناك في أسباط إسرائيل ما يدل على قرب الإتيان بالثمر ، ليرى "هل أقعل (أي بدأ ينضج) الكرم أو نور الرمان". لقد وجد في جنته عروسه "ثمره النفيس" ولكن كانت له جنة أخرى "جنة الجوز" إسرائيل الذي لم يكن قد أتى بعد بثمر، والعروس نفسها ستدعوه ليرى هل هناك ما يدل على وجود حياة في إسرائيل أو ما يعطى أملا بالإتيان بثمر فيما بعد (سفر نشيد الأنشاد ٧ / ١١ - ١٢). ان الرب لا يكون له في النهاية "الجنة المغلقة" أي العروس فقط بل كل إسرائيل أيضا "وهكذا سيخلص جميع إسرائيل. . . لان هبات الله ودعوته هي بلا ندامة" ( رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية ١١ / ٢٦ و ٢٩) وسيجد الرب في النهاية أثمارا نفيسة وناضجة في الملك الألفي المجيد. عندئذ يتم القول "من تعب نفسه يرى ويشبع" (أشعياء ٥٣ / ١١) يا له من مشهد مبارك! أنه ليس مشهد البرية برمانها المحرقة بل منظر جنة مثمرة وقد أقعلت كرومها ونور رمانها. أنها ثمار نعمته الغنية الصابرة التي يبتهج بها قلبه ويمتلئ إعجابا بها، وكأنه يؤخذ مدهوشا من المشهد فتحمله محبته وتنقله إلى حيث شعبه الذي تغير، شعبه المنتدب للخدمة، شعبه الذي  إليه يتجه بمركبات مسرعة كمركبات عميناداب "فلم أشعر إلا وقد جعلتني نفسي على مركبات قوم شريف" أو "مثل مركبات عميناداب" أو "أجلستني نفسي على مركبات شعبي المنتدب" يا له من مشهد عجيب مبارك ان نرى قلب الرب يتحرك بهذه الصورة إذ يستشيره استعداد شعبه لقبوله والترحيب به "شعبك منتدب في يوم قوتك في زينة مقدسة من رحم الفجر لك طل حداثتك" (مزمور ١١٠ / ٣)  ونحن نعلم ان ربنا يسوع كان في أيام جسده هنا على الأرض كالإنسان الضعيف "محتقر ومخذول من الناس" لقد "صلب من ضعف" ( رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس١٣ / ٤) ولكنه "حي بقوة الله" وذلك بالقيامة من الأموات، فالذي صلب من ضعف سيكون شعبه ، في يوم قوته، منتدب له في زينة مقدسة، وعندما يرى الرب ان الكرم بدأ نضوجه وان الرمان قد نور، أي يرى ان الحياة قد بدأت تدب في إسرائيل، عندئذ يكون الوقت المشار إليه في مزمور ١١٠ / ٣ قريبا جدا. سيرى الرب نفسه محمولا على مركبات شعبه المنتدب والراغب في عمل مشيئته، فما ستكون قد عملته النعمة في البقية التقية من يهوذا بصفة خاصة ستعمله أيضا في إسرائيل بصفة عامة.


* * *


ان الرب يتطلع في الزمان الحاضر إلى دائرة الاعتراف المسيحي الواسعة ليرى هل هناك قلوب محبة له. أنه له المجد يقدر كل التقدير العواطف المتعلقة به، فهو يتطلع ليرى مؤمنا "بروح منتدبة" مؤمنا متأهبا ومستعدا لخدمته وعمل إرادته، ومتى وجد مؤمنون بهذه الصورة الجميلة فأنهم يكونون كمركبات "قوم شريف" ويا له من سرور وفرح لقلب الرب إذ يرى "شعبا منتدبا" فإذا ما كان القديسون محبين للرب حقا، وكانوا متأهبين لعمل مشيئته فأنه تبارك اسمه يجد فيهم "مركبات قوم شريف" يستطيع ان يعمل بهم ومعهم، وجدير بنا ان تكون هذه الحقيقة ماثلة أمامنا في كل حين، فان ربنا يعتز بمحبة قلوبنا، إذ ان المحبة هي التي ترحب بالرب وبعمل ما يرضيه وتهيئ له "المركبات" التي تحمله إلى حيث محيوه "الذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي. . . ان أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منـزلا" (يوحنا ١٤ / ٢١ و ٢٣). ان المسيحية في أيامنا هذه في حالة التراخي ومحبتها للرب ضعيفة، وما أقل المنتدبين الراغبين في تسليم ذواتهم ليسوع المسيح ليأخذ مكانه وطريقه في حياتهم. وحالة كهذه يجب ان تحفر كل محب مخلص للمسيح بان يسلم ذاته له ليمتلك حياته وكيانه بجملته.



فلم أشعر إلا وقد جعلتني نفسي بين مركبات قوم شريف = 

لقد رأينا النفس العروس تجاهد وتعود لتعمل في كرم عريسها، هي تجاهد ، تنضم لموكب المجاهدين والخدام الأمناء وهذا الموكب موكب شريف فقائد الموكب هو المسيح نفسه ملك الملوك. وهذا جعلها كما لو كانت ملكة لها مركبة وسط المركبات . فالنفس المجاهدة يكرمها الله.


كلمة قوم شريف = 

عميناداب وشعبي الكريم وشعبى العامل مشيئتى بسرور والمعنى أن الله قد جعلها (الكنيسة / النفس البشرية) أشبة بمركبات عميناداب.. أي أنها صارت بقوة كلمة الله شعب الله المجاهد حتى النهاية ضد الشر والخطية.





13 ارجعي، ارجعي يا شولميث . ارجعي، ارجعي فننظر إليك. ماذا ترون في شولميث، مثل رقص صفين




(ملحوظة ٢ : نسخ الكتاب المقدس التي كتبت فوق الايات من هو المتكلم وضحت ان المتكلم هنا في : هذا الجزء من عدد ١٣  من  الاصحاح السادس من سفر نشيد الانشاد ،   -- " ارجعي، ارجعي يا شولميث . ارجعي، ارجعي فننظر إليك. " -- ، هم الاصدقاء و ليس العريس ... لذا قد يختلف الشرح ، ندعوك للبحث)





في هذا الجو المملوء جهادا ينادى العريس عروسه:

"ارجعي ارجعي يا شولميث. ارجعي ارجعي فننظر إليك. ماذا ترون في شولميث. مثل رقص صفين"

شولميث مؤنث كلمة "شالوم" العبرية أي سلام. ويشتق منها اسم سليمان فشولميث معناها "إنسان السلام" و"الحاملة للسلام" و"التي لها سلام". وهكذا يتضح وكأن السيد المسيح - سليمان الحقيقي - قد خلع عليها لقبه ويناديها به بعد أن حملت شخصه في داخلها.

إنه ينظر إليها وهى في حالة الحرب والجهاد ويدعوها شولميث.. أما سر السلام الذي فيها فهي رجوعها المستمر إليه.. إنه يدعوها أربع مرات ان ترجع "ارجعي ارجعي يا شولميث. ارجعي ارجعي فننظر إليك".

ثم يعود العريس ويتطلع إلى من حوله ويقول لهم "ماذا ترون في شولميث؟. مثل رقص صفين (جيشين) والرقص علامة الغلبة والانتصار.. هكذا رأينا مريم النبية أخت هارون مع بقية النساء في رقصات الفرح وهن يسبحن الرب الذي أنقذهن من فرعون وجنوده (خروج ١٥ / ٢٠).. ورأينا هذا المنظر أيضًا عندما قتل داود النبي جليات الجبار الذي عير صفوف شعب الله الحيّ, فخرجت النساء من جميع المدن بالغناء والرقص (سفر صموئيل الأول ١٨ / ٦).. إن هذا دليل النصرة الروحية.






تم عمل هذا الموقع بواسطة